صلاح الساير
بغرض المشاغبة العقلية كتبت للأصدقاء رسالة هاتفية تقول «حيث لا اكون لا يوجد آخر» فانزعج البعض من منطوق الرسالة ومنطقها. وكتب احدهم في عجالة يقول «أين تواضعك يا صلاح وكيف تربط الآخر بك، فالآخر موجود كنت ام لم تكن» واجابني صديق آخر برسالة كتب فيها «انت لست في الصين يا صديقي فهل لا يوجد أحد في الصين».
تبسمت وادركت الحفرة التي وقع فيها بعض الاصدقاء الذين تسرعوا بقراءة العبارة فلم يتفكروا فيها مليا. فأنا لم اكتب «حيث لا اكون لا يوجد أحد» ذلك ان الآحاد والعشرات والمئات والملايين موجودون في الصين والهند وفي المقهى وفي الغرفة المجاورة. كنت انا من بينهم او لم أكن.
غير اني كتبت عن «الآخر» الذي يستدعي وجوده وجود «الأول» مثلما يستدعي غروب الشمس شروقها ففي اليوم الذي لا تشرق فيه الشمس فإنها لن تغرب. وبالمقابل «حيث لا يكون آخر لا وجود لي أنا» فانعدام وجود طرف يلغي الطرف الثاني. وتلك عبارة لا تشي بالتيه والتعالي بل هي دعوة لتعزيز الايمان بالتعددية، فاعترافك بالآخر اعتراف بنفسك.