اختلف العرب سنوات طويلة ولا يزالون في خلاف عظيم حول تفسير ماهية الدولة، فهناك من يطالب بدولة علمانية ويلجأ في كثير من الأحيان إلى تجميل المطالبة بقوله: (دولة مدنية)، وهناك التيار السياسي الديني المطالب بإقامة الدولة الدينية ويرفض العلمانية ويصفها بأنها مؤامرة يدبرها فسطاط الكفر ضد فسطاط الإيمان، وبالطبع فان الاتهامات تطول الخصوم (الكفار من بني علمان).
****
الدولة الحديثة (بصرف النظر عن شكل النظام السياسي وراثي أم رئاسي أم غير ذلك) هي دولة علمانية بالضرورة، وإن رفض كل أهلها أو جلهم الاعتراف بهذه الصفة. ذلك لان المؤسسات التي تسير جميع الدول تخضع لقوانين وضعها بشر بعضهم ملحد، ولعل المصارف الربوية شاهد واضح. فالاقتصاد عصب الدولة التي عليها ان تتعامل مع الاقتصاد العالمي وفق قوانينه الوضعية التي تأثرت بأفكار «آدم سميث» و«كارل ماركس» وغيرهما من علماء وفلاسفة الاقتصاد.
****
طال أمد الخلاف العربي حول «العلمانية» بسبب غياب المثال الجيد، خاصة أن التيار السياسي الديني وبغرض ترسيخ مشروعيته وتنفير الناس من العلمانية تعمد أن يلصقها بالأنظمة السياسية الخائبة التي حكمت «الجمهوريات» العربية حتى بلغنا مرحلة تفجر فيها الخلاف حول ماهية الدولة في تلك الجمهوريات بعد ان عصف بها الربيع العربي، وشاهد الناس ما يفعله التيار السياسي الديني في سبيل شهوته للسلطة وإصراره على أنها عنزة.. لو طارت.
www.salahsayer.com
salah_sayer@