لندع مصلحة الشعب الليبي جانبا، ونصم آذاننا عن صراخات أطفال سورية، ونتجاهل الدمار الذي لحق بها ولحق بليبيا، ونغفل عن الالتزامات الأخلاقية للمجتمع الدولي تجاه ما يحدث في «شرق البحر المتوسط وجنوبه» ولنسأل عن مصلحة أوروبا من هذه اللعنة المشتعلة في الضفتين السورية والليبية والتي تنهبها الفوضى والنزاعات الداخلية وينشط فيها إرهابيون يعملون باقتدار وعزيمة على تصدير الارهاب إلى «الكفار» في بلاد الفرنجة؟
***
بدأ الحريق صغيرا في حوض المتوسط وتحديدا لدى العرب من جيران أوروبا (العجوز) والتي ربما حاولت إقناع حليفها الأكبر والأقوى والأعظم (أميركا) أن يفعل شيئا قبل أن تمشي النار فوق الماء، بيد أن «الاوبامية» التي شاركت باسقاط القذافي وتهديد الأسد عادت ودخلت في بيات «الحياد السلبي» حتى تفاقم الأمر وخرج داعش من القمقم، واقتربت شرارته من «المكبوت» الأوروبي والمتمثل بالقنبلة الموقوتة وأعني الأجيال الجديدة من أبناء وأحفاد المهاجرين المسلمين في اوروبا. وذلك خطر مرعب يفوق خطر التهديد النووي لأوروبا أيام الحرب الباردة.
***
مخاوف الاوروبيين تتزايد مع تنامي الإرهاب الداعشي في بلدانهم، وقبل أيام وافق مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على تمديد مهمة «اليونافور ميد» وهي قوة بحرية أطلقتها المفوضية الأوروبية لمكافحة المهربين في البحر المتوسط للحد من الهجرة غير الشرعية التي تفاقمت بعد اندلاع حرائق (الربيع) العربي، وانهيار الأنظمة العسكرية في سورية وليبيا وتدافع اللاجئين إلى أوروبا فوق متون سفن الموت.
***
كانت حرية التنقل والعمل والاقامة في عموم الاتحاد الأوروبي مشكلة عانت منها بريطانيا وتحولت فيما بعد إلى شعارات رفعها اليمين البريطاني للخروج من الاتحاد الأوروبي، وتزايدت حدة المشكلة أكثر مع تزايد الهجرة غير المشروعة، خصوصا الوافدة عبر المتوسط، وذلك محور يجعل من ضرورة اطفاء النيران المشتعلة في الضفة العربية لحوض المتوسط ضرورة قصوى ومصلحة اوروبية بعد أن ثبت للعالمين انه من الممكن ان تمشي النار فوق الماء.
www.salahsayer.com
salah_sayer@