هل أحرق محمد بوعزيزي نفسه وحدها؟ أم أنه أحرق العالم العربي معه؟ ان إعادة مشاهدة الشريط من جديد ورصد تطورات الاحداث قد ترجح الاجابة الثانية. فسرعة التطورات جرت وتجري على نحو يصعب أن يكون تلقائيا أو عفويا أو طبيعيا، وكذلك السيناريوهات المتشابهة، ولغز «داعش» وقدرة الإرهاب العجيبة والمتكررة على اختراق أمن الدول، والغموض الأوروبي، والنفوذ الأميركي المتراقص على السلالم. جميعها مؤشرات تشير إلى (فاعل) ما، ربما يكون هو من أحرق بو عزيزي!
***
حادثة الحرق في ولاية «سيدي بوزيد» التونسية شكلت بداية اندلاع «الجحيم العربي» وبعدها تداعت الانتفاضات في عدد من الدول العربية بمشاركة مباشرة من تيار الإسلام السياسي (السني) المتمثل بالإخوان المسلمين، وفي مناطق أخرى بمشاركة تيار الإسلام السياسي (الشيعي) بعد ذلك قام حزب الله اللبناني بالتدخل في سورية، فاتسعت رقعة الفوضى التي كانت ضرورية لإنتاج «داعش» بطبعته النهائية، ومع تدهور الأحداث الأمنية في العراق طفت على السطح جماعة «الحشد الشعبي» فتحول مسار الجحيم من ثورات إصلاحية مزعومة إلى مواجهات مذهبية كريهة.
***
الحرص على عدم السقوط في «نظرية المؤامرة» لا يعني تجاهل مسار الاحداث الغرائبية التي تكشف لنا بصورة واضحة ضلوع الإسلام السياسي في هذه الحرائق المتعمدة، وتزامن «الجحيم العربي» مع انفراج الأزمة النووية الإيرانية، والعديد من الأحداث تدرجت بشكل مريب حتى بلغت المنطقة حد الاختناق، وصار من السهولة ان نلمح الجمر من تحت الرماد، وكأن النار التي اشتعلت في «سيدي بوزيد» المغاربية لها حادي يسوقها باتجاه الشرق.
www.salahsayer.com
salah_sayer@