استعمل احد الكتاب العرب عبارة «الحتة الوسطانية» لوصف وسط الجزيرة العربية بعد أن نفى وجود حضارات فيها، وأضاف أن أهلها يوصفون في الأزمنة القديمة بانهم «سراق إبل» وغير ذلك من أقاويل بغيضة لا ينبغي ان تصدر من مثقف باحث في التاريخ يفترض أنه يدرك ان الغزوات (في الأزمنة العتيقة) كانت دأب الناس جميعهم على وجه البسيطة، وجزيرة العرب ليست استثناء، وان الإبل من المغانم الكبرى والعظيمة، لا يغنمها الضعفاء الجبناء، الأمر الذي يعني أن الاستيلاء على الإبل صفة تقال على سبيل المدح لا القدح.
***
بعض المثقفين في الخليج، وانسجاما مع سماحتهم المعهودة، دعوا إلى الهدوء وعدم الرد على الكاتب بأسلوبه الغوغائي الإلغائي، وبعضهم طالب باستضافته ومحاورته ومناقشة أقاويله المهترئة، وغاب عن أذهان أولئك المثقفين الخليجيين أن الرجل «عود من حزمة» تعبر عن مدرسة عربية فكرية تلفيقية احتكرت الثقافة والتاريخ لمجتمعاتها ونفتها عن الآخرين، مدرسة تحكمها ذهنية عنصرية لن تعترف بوجود حضارات في الجزيرة العربية رغم وضوح الشواهد والأدلة التاريخية والعلمية التي تثبت ذلك.
***
إلغاء منطقتنا من قائمة التاريخ فعل أهوج يسقط الفاعل، أيا كان، من قائمة الرصانة.
فما عاد التاريخ من أساطير الأولين أو مزاعم عصبوية، بل هو علوم متداخلة وبحث وفحص ومختبرات علمية، وذلك ما يتوافر للباحثين عن الحقيقة في المتاحف ومراكز البحوث والكتب الرصينة، أما الناكرون لحقائق الجزيرة العربية والخليج فلن يجدي معهم الحوار، ولن تنفع استضافتهم لعرض الشواهد التاريخية أمامهم، ذلك أن النكران المعرفي جزء من طبيعتهم الذهنية ولن يجدوا منه فكاكا.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
www.salahsayer.com
salah_sayer@