أحد الأصدقاء المعروفين بمتابعة ونقد تاريخنا الإسلامي، ولأنه يعرف مدى اهتمامي بالأفلام السينمائية، سألني بلهفة إن كنت قد شاهدت فيلم «بلال» الذي يتحدث عن قصة حياة الصحابي الجليل بلال بن رباح، فشعرت من لهفة الصديق السائل بأنه يتمنى أن يسمع خبرا طيبا عن الفيلم، ذلك أنه وإن كان ناقدا للروايات التاريخية المتناقضة، إلا أنه يبقى في حقيقته مسلما ينبض في قلبه إيمان وأمل في العثور على صورة جميلة للذات، خاصة في هذه المرحلة التي ارتبط فيها الإسلام بالإرهاب.
> > >
أخبرت الصديق بأن الفيلم مدرج، مصادفة، على جدول المشاهدة يوم غد، وذلك ما حدث، فقد توجهت إلى دار العرض أحمل في صدري لهفته بالعثور على صيد ثمين، ولهذا الهدف اصطحبت معي صديقا هنديا من المؤمنين بالديانة الهندوسية. ومعا شاهدنا فيلما رائعا يعتبر أول فيلم رسوم متحركة عربي طويل، بتقنية ثلاثية الأبعاد. فالفيلم جيد، ويعرض قيمة جميلة نبيلة أصيلة وهي «الحرية» متمثلة في خلاص الصحابي بلال بن رباح من العبودية، غير أن الفيلم، ومع الأسف، لم يتمكن من تقديم صورة جيدة عن الدين الحنيف!
> > >
الفيلم ناطق بالإنجليزية بأصوات ممثلين غير عرب، ويستهدف جمهورا غير مسلم، لذا، حسب صديقي الهندوسي، لم يكن من المناسب ربط الإسلام بالقتال والحرب فذلك من شأنه تأكيد الصورة النمطية (الداعشية) للدين الإسلامي في عيون الآخرين، خاصة إذا علمنا أن الفيلم ينطوي على «أطول معركة حربية» في تاريخ السينما العالمية للرسوم المتحركة مدتها 11 دقيقة من مدة الفيلم البالغة 110 دقائق، فكيف غاب هذا الأمر عن ذهن المنتج العربي الذي لا أشك في مقاصده الجميلة وأهدافه النبيلة؟!
> > >
أشير إلى الذهنية العربية التي لم تتمكن من عزل الحرب عن الإسلام، على الرغم من أن الغزوات النبوية انتهت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، أما الإسلام فمستمر، لله الحمد، وعامر في صدور المسلمين. وهذا الربط الدائم بين القتال والإسلام يظهر جليا في سائر الأفلام العربية التي تحدثت عن الإسلام الممتلئ تاريخه بقصص الحرية والكرامة والرحمة والمساواة التي تشكل نهرا جاريا بإمكان صناع السينما أن يغرفوا منه، وكان بالإمكان مقاربة حياة بلال بن رباح دون الزج بالحرب في هذا الفيلم الجيد. www.salahsayer.com
@salah_sayer