ما الذي حدث؟ وكيف تحول الوصال والوداد إلى هجر وفراق؟ وكيف تقطعت علاقة صداقة وثيقة متينة قاربت القرن من الزمان؟ وكيف صار الصديق والشريك، فجأة، يصف شريكه بالراكب المجاني! ما الذي تغير فغير القناعات القديمة إن كان الشريك الخليجي ذاته لم يتغير ولم يزل مغرم صبابة؟ فكيف حلّ الشك والخوف محل الثقة والأمان؟ وكما السؤال الأميركي الشهير (لماذا يكرهوننا؟) الذي اعقب الاعتداء على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 2001 يبرز سؤال في الخليج بصيغة أخرى (لماذا الجفوة)؟
>>>
هناك من يفسر الجفاء الأميركي بأنه نتيجة لمشروع (الاستدارة نحو آسيا) والخشية من الصعود المتنامي للصين، وذلك تفسير قد لا يكون دقيقا، فالاهتمام بالشرق الأقصى لا يعني الاستغناء عن الأوسط وتجاهل الجزيرة العربية وممراتها البحرية الاستراتيجية.
وهناك تفسير آخر يربط الجفوة ببروز إيران كقوة صاعدة (وخروج المشروع النووي الإيراني عن السيطرة الغربية واضطرار اميركا إلى رعاية الاتفاق النووي والاعتراف بالنفوذ الإيراني على حساب العرب) وذلك قول ضعيف يفتقر للأسانيد والأدلة، كما أن العاقل لا يخاصم شريكا موثوقا من أجل أن يكسب ثقة خصم لدود.
>>>
بالطبع فإن ربط (نهاية الصداقة) بالإرهاب هو أمر سهل وجاهز لكنه غير صالح للتفسير، فالنخب السياسية الأميركية تعلم حقيقة الدور المؤثر للحكومات الخليجية في مكافحة الإرهاب.
أما البعض الآخر فقد ذهب إلى ان الجفوة مقدمة لإعادة رسم خارطة المنطقة دون ان يذكر لنا المنفعة الأميركية من الخريطة الجديدة، فالدول ليست موضة تتغير حسب المواسم بل تنشأ وتزول نتيجة عوامل، وكل من يذكرنا بتقسيم يوغسلافيا يغفل عن عشرات العوامل الخاصة بها، كما ان السعي إلى تشظية الدول المستقرة يزيد من خطر الإرهاب ولا يحدّ منه في منطقة توجد فيها اسرائيل.
>>>
فتشت تحت الطاولة وبحثت فوقها، راجعت الأرشيف وقلبت الأوراق، فلم أجد شرحا وافيا يفسر قصة (فراق الأحبة) وإذا كان لكل شجرة تربة تحتضن الجذور، فإن الجفاء الخليجي ـ الأميركي زراعة بلا تربة.
وأختم بالقول انه عندما نتذكر ان العلاقات الأميركية ـ السعودية لم تصل إلى هذه الدرجة من السوء، رغم عبورها مطبات وعرة وخلافات كثيرة، أبرزها وأخطرها احداث الاعتداء على برجي التجارة في نيويورك، يمكن تفسير حالة الجفاء التي تفاقمت في عهد الرئيس اوباما بأنها بسبب (عقيدة أوباما) التي نقرأ هذه الأيام صفحاتها الأخيرة.
[email protected]
salah_sayer@