بعد تحرير الكويت عام 1991 ذهبت إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وسكنت في منطقة «المنخول» في دبي وكان على مقربة من سكني ينهض مبنى عظيم، بدا لي أنه مجمع أسواق آخر، بعد «مركز الغرير» الذي أنشئ في منطقة «ديرة» في مطلع الثمانينيات فأحدث ثورة في عالم التسوق. وفي شرفة المنزل دار الحوار مع الأصدقاء عن هذه الثورة الاقتصادية والاجتماعية المقبلة، فأشرت إلى المبنى الذي كان تحت الإنشاء ووصفته بأنه سوق المستقبل، فرد علي أحد الأصدقاء قائلا «كل مستقبل يصبح ماضيا».
***
اكتمل بناء المجمع «برجمان» وبمرور الزمن نال شهرة عالمية، وأمسى قبلة السائحين، ومع التطور الذي تشهده دبي عمد ملاك المجمع إلى توسعته فأصبح «مدينة تسوقية» مثله مثل العديد من المولات الحديثة في الامارات والعالم، ثم قام الملاك، بعد ذلك، بتجديد القسم القديم «الماضي» الذي وصفته يوما بأنه «سوق المستقبل» وقبل أيام مررت في ذلك القسم القديم بعد تجديده، فجرجرتني الذكريات إلى كلام الصديق «كل مستقبل يصبح ماضيا» وتذكرت أن التجديد طبيعة الحياة، والإنجاز عملية مستمرة لا تتوقف، والرحيل إلى المستقبل رحلة لا تهدأ.
***
يحتاج المستقبل إلى وقت كي يصبح ماضيا، بيد أن هذا الوقت غير محدد بمدة زمنية فهو يختلف من مكان إلى آخر. فبعض الدول تفارقها سنوات طويلة وحين تعود إليها تعتقد بأن الزمن قد نسيها، فكل ما فيها ثابت لم يتغير، أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث الجميع منشغل بالمستقبل قبل أن يلوح هذا المستقبل في الآفاق، فإن الأفكار والأحلام سرعان ما تتحول إلى حقائق ملموسة. فالمستقبل في الإمارات لديه خاصية التحول إلى حاضر فور الحديث عنه، والإرادة هناك ألغت كلمة المستقبل من القاموس.
www.salahsayer.com
salah_sayer@