تدخل البشرية عوالم جديدة مذهلة، يكاد ينقرض فيها البشر، وتختفي منها العديد من المهن القديمة. فمثلما قضت ساعة المنبه على مهنة ابو طبيلة أو المسحراتي فإن ساعي البريد عاطل عن العمل منذ أن انتشر البريد الإلكتروني ووسائط الاتصال الأخرى. ذلك لأن التكنولوجيا الحديثة تهيمن على الأرض وتبلع ما سواها. ففي بعض المطارات تتعرف عليك البوابة الإلكترونية من بصمة أصابعك أو عينك، فتسمح لك بدخول البلاد دون الحاجة للمرور على موظف الجوازات، وقديما كانت قيافة البشر والفراسة وسيلة لإثبات النسب أما اليوم فتلك مهمة «DNA».
> > >
الفنادق الذكية أصبحت من المعالم السياحية التي يحرص السياح على زيارتها، حيث لا يوجد موظفو استقبال، ولا عتال يحمل الحقيبة، ولا هواتف للاتصال بخدمة الغرف. فحالما تدخل بهو الفندق تجد شاشة الكمبيوتر ترحب بك وتراجع معك الحجز وتحتفظ ببصمة عينك لاستعمالها في فتح باب غرفتك التي يوجد بها جهاز لوحي يعمل باللمس لتطلب ما تريد من خدمات الغرف أو نحوها، أما الحقائب فيحملها لك الروبوت، وبالطبع لن يلمح إلى البقشيش أو الإكرامية! وسوف يواجه العالم مشكلة بطالة غير مسبوقة.
> > >
قللت الكاميرات الأمنية من فرص عمل حراس الأمن، وكذلك التاكسي الذكي سيقلل من فرص عمل السائقين، مثله مثل القطارات التي تدار من غرف العمليات المركزية، أما محطات الوقود الذكية فتمكنك من تعبئة سيارتك وتخصم من حسابك المصرفي حيث لا أحد يتسلم منك النقود في المحطة، كمثل أجهزة الحجز في صالات السينما توفر لك التذكرة دون الحاجة للانتظار في طابور التذاكر والتحدث إلى موظفة الحجز، ناهيك عن مئات الأجهزة الإلكترونية والتطبيقات التي تساعد الإنسان على دفع فواتير الكهرباء والهاتف ومخالفات البلدية والمرور.. أو نحو ذلك.
> > >
عرفنا الزكاة بواسطة خدمة الرسائل القصيرة SMS وعرفنا التسوق عبر الإنترنت. وفي الماضي وعند السفر وللتخلص من مشاكل تحويل العملة المزيفة استبدلنا النقود بالشيكات السياحية، وبعدها عرف العالم الدفع بواسطة بطاقات الائتمان، بيد أن ذلك المجد انتهى بعد أن حل الهاتف الذكي محل بطاقة المصرف، فعند التبضع من السوبر ماركت يمكنك الدفع بواسطة «الموبايل»، ليتم الخصم من حسابك المصرفي، وسوف تكسد مهنة النشل ليبحث النشالون عن مهنة أخرى!
www.salahsayer.com
salah_sayer@