لن يتحرر العرب من مأزقهم ما لم يتوقفوا عن ثقافة المراوغة وخداع الذات وعدم الاعتراف بواقعهم المرير المتمثل بالانقسام العظيم بين الناس في المجتمعات العربية حيث الآلاف المؤلفة من المؤمنين بدولة «الخلافة» الذين يصدقون خطاب تيار الإسلام السياسي، ويعتقدون بجاهلية المجتمع ويسعون إلى بناء دار الإسلام وفصلها عن دار الكفر، وتطبيق الشريعة فيها.
ومن المؤكد ان هؤلاء الناس مواطنون يعيشون في جميع الدول العربية، وبعضهم يعاني الاعتقال أو المطاردة أو أنهم يكبتون رغباتهم الدفينة ويخفونها في سرائرهم خشية أن يطالهم القانون أو غضب السلطات الرسمية.
***
الأمثلة على النزعة الأصولية المحمومة لدى العرب كثيرة، ومن تجلياتها الاقتصادية سرعة انتشار البنوك الإسلامية، أما تجلياتها السياسية فتتمثل في تجربة الجبهة الاسلامية للإنقاذ في الجزائر، وحركة النهضة في تونس، وجماعة الاخوان المسلمين في مصر، وحزب الدعوة في العراق، وحزب الله في لبنان، والقاعدة وأنصار الله في اليمن، وغيرها من تنظيمات أصولية (سنية وشيعية) بعضها تمكن من تحقيق «الحلم» مثل «دولة الإسلام في العراق والشام» وبعضها لم يزل يحاول بلوغه.
وهذه الحقائق أكدتها الأحداث الكارثية وآخرها الكارثة التي حملت اسم «الربيع العربي».
***
عدم الاعتراف بهذه الحقيقة يعنى استمرار نزيف الجرح العربي الناتج عن النزاعات الداخلية المتمثلة بمكافحة الدولة لهؤلاء الأصوليين، وربما تطور الأمر إلى الاختناقات الخارجية في حال تفعيل الغرب نظرية «صدام الحضارات» الأمر الذي يضع الناس العرب بين مطرقة «الغرب» وسندان «التطرف الديني»، فما الحل؟ وأين المخرج من هذه الورطة الورطاء؟ وكيف يتسنى للدولة العربية ان تعيد تموضعها في هذه الخريطة الجهنمية التي يتنازعها خصمان، الغرب (الكافر) والإسلام (الراديكالي)؟ وكيف يمكن تحرير العرب من بين فكي هذه المصيدة؟
***
الحل ممكن شريطة أن يكون حلا أمميا في حال اتفق العالم عبر هيئة الأمم المتحدة مع جماعة الاخوان المسلمين، باعتبارها تنظيما دوليا، على إنشاء دولة دينية في دولة ما، أو عن طريق شراء الأرض بتمويل من الدول العربية (علما أن أميركا اشترت أكثر من نصف مساحتها الحالية) على ان يتم تجنيس جميع العرب المؤمنين بدولة الخلافة والراغبين في الانتماء لهذه الدولة الوليدة وترك الحرية لأمير المؤمنين اتخاذ القرارات التي تتناسب ومعتقدات رعيته الجديدة دون الزج ببقية الشعوب العربية الأخرى في أتون الصراعات الدينية.
www.salahsayer.com
salah_sayer@