إن كان الغرب يتعمد قراءتنا على نحو خاطئ حسب ما تخبرنا ذهنيتنا العربية المثقلة بنظرية المؤامرة التي تتوهم بأن الغرب يتعمد تشويه صورتنا، على الدوام، فيظهرنا في الصورة النمطية المعهودة والسيئة.
أقول إن كان ذلك الاتهام للغرب صحيحا فإنه لا يشمل «الشرق» البعيد الذي تفصلنا عنه مياه كثيرة وعميقة ولم تجر بيننا حروب دينية «صليبية» سالت فيها دماء كثيرة من الجانبين، ولم تقع منطقتنا في دائرة نفوذهم مثلما وقعت تحت نفوذ الدول الغربية بما يعرف في الأدبيات السياسية العربية بالاستعمار الأوروبي.
> > >
لهذا اختار اليوم قراءة شرقية نقارب من خلالها العبوس العربي بعد الإعلان عن قائمة الحظر الأميركية، وأشير تحديدا إلى كتاب «العرب.. وجهة نظر يابانية» للباحث الياباني «نوبواكينوتوهارا» أستاذ الأدب العربي المعاصر في جامعة طوكيو الذي أمضى في البلاد العربية أكثر من 40 عاما، حيث يذكر المؤلف أن العرب كثيرا ما كانوا يقولون له: لقد ضربتكم أميركا بالقنابل الذرية فلماذا تتعاملون معها؟ ويضيف: «إن العرب عموما ينتظرون من اليابانيين عداء عميقا للولايات المتحدة الأميركية لأنها دمرت المدن اليابانية في الحرب العالمية الثانية»!
> > >
يواصل المؤلف ويقول: «إن طرح المسألة على هذا النحو لا يؤدي إلى شيء. فعلينا نحن اليابانيين أن نعي أخطاءنا في الحرب العالمية الثانية أولا ثم نصحح الأخطاء.
المشكلة ليست في أن نكره أميركا أو لا، بل يجب أن نعرف أنفسنا في صورة صحيحة ثم نمارس نقدا ذاتيا بلا مجاملة لأنفسنا بعدئذ نختار الطريق الذي يصحح الانحراف ويمنع تكراره في المستقبل. لقد دفعنا الثمن وبقيت لنا مشاعر الحزن والمرارة ولكننا نجحنا إلى حد مقبول في تصحيح أخطائنا».
> > >
وجهة النظر اليابانية النابعة من «مراقب محب وحريص» حسب تأكيد صاحبها في مقدمة الكتاب، وجهة نظر تشير صراحة إلى أن «الشعور بالاختناق والتوتر والعدوانية سمة عامة للمجتمعات العربية»! ولعل ذلك ما يفسر العبوس العربي بعد إعلان أميركا عن منع دخول عدد من الجنسيات العربية إلى أراضيها، وعدم مواجهة النفس ونقدها كما فعل الشعب الياباني الذي جعل من «تدمير بلاده» فرصة لمراجعة الذات.
www.salahsayer.com
salah_sayer@