كتبت قبل أيام عن السينما الهندية أو «بوليوود» وأشرت إلى تطورها وإنتاجها المتزايد الذي جعلها تشكل مصدرا رئيسيا للدخل القومي للهند التي تنتج سنويا ما يقارب ربع الإنتاج السينمائي في العالم، وتجد أفلامها رواجا في العديد من الدول العظمى مثل بريطانيا وأميركا وأستراليا والصين، والأخيرة تشتري من الهند 50 فيلما كل عام، كما أن صناعة السينما أتاحت فرص عمل لمئات الآلاف من الهنود سواء من العاملين مباشرة في الأفلام أو في المعاهد الفنية التي تعنى بتعليم الرقص والموسيقى والغناء.
****
في مقابل تطور السينما الهندية، يمكن رصد تدهور السينما المصرية «العربية» والغريب أن مصر عرفت الإنتاج السينمائي في الوقت الذي عرفته الهند.
بيد أن المسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في البلدين اختلفت فأفرزت هاتين النتيجتين المتناقضتين. ففي الوقت الذي كانت مخرجات التعليم الهندي مطعمة بالذائقة الفنية واحترام الفنون كانت مخرجات التعليم في مصر «وسائر الدول العربية» قد تعرضت للنهش الثقافي في مجتمعات تحارب الفن ولا تحترمه، وتهيمن عليها أفكار تحرم الفنون، وتحرض عليها.
****
ما أشير إليه موجع لنا جميعا ويحز في نفوسنا، بيد انها الحقيقة الماثلة للعيان في مجتمعات عصفت بها الوساوس ودفعتها إلى مشي القهقرى.
فالسينما الجيدة مثلها مثل أي منتج آخر، فني أو صناعي أو اقتصادي تنتجه مجتمعات صحية وجيدة. أما نحن وإن تمنينا الصلاح والفلاح فلن تنصلح أحوالنا ونلحق بركب البشر ما لم يتوافر للمنطقة إصلاح حقيقي على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية يسعى إلى توفير «تعليم جيد» يسمو بذائقة الأجيال الطالعة ويدربها على فهم واحترام أمور كثيرة منها الفنون.
www.salahsayer.com
salah_sayer@