أنت مستاء ومغتاظ مما يجري في البرلمان. أنا أعلم ذلك، وأعلم سبب حنقك وسخطك، وأعرف أن الخناقات التي تحدث تحت قبة عبدالله السالم ومناقشة المواضيع غير المجدية أمور تزعجك كثيرا، كما اعرف أنك تشعر بالغضب من تدنّي الحوار الذي يدور بين بعض النواب.
فالنائب الفلاني يشتم النائب العلاني، والثاني يرد الصاع صاعين للأول. نعم أنا أدرك مدى حزنك ويأسك وغضبك وسخطك على البرلمان. لكنني أرجوك يا سيدي أن تتفاءل، وأن تتذكر ان «ربّ ضارة نافعة» فلا تحصر تفكيرك في الجزء الفارغ من الكأس وهناك جزء مملوء.
> > >
في الماضي كان عمك ابو الطيب المتنبي يقول «مصائب قوم عند قوم فوائد»، أما اليوم فقد أصبح بإمكان القوم أنفسهم تحويل مصيبتهم إلى فائدة لهم وعدم تركها للأقوام الأخرى.
فمثل هذه الخناقات البرلمانية وفي حال تطور أو «تدهور» أدوات الحوار، واستعمال الأسلحة بدلا من الأحذية تصبح الخبر الأول الذي تتناقله وسائط الميديا العالمية وسوف تعرف الدنيا بأكملها ان في بلادنا توجد ديموقراطية ويوجد برلمان! كما لك ان تتخيل لو أن لدينا برلمانا جيدا، مهموما بمناقشة القضايا الوطنية الحقيقية، فماذا يفعل الناس؟ وبماذا يتحدثون أو يغردون في تويتر، الأمر الذي قد يعرضهم لأمراض خطيرة نتيجة الفراغ والضجر.
> > >
الفوائد كثيرة، يا سيدي، وليس آخرها ان نتذكر القيمة السياحية لمعلم مهم في عاصمة الضباب لندن وأقصد «ركن الخطباء» في الهايد بارك الذي يأتي إليه السائحون من مختلف دول العالم لمشاهدة الخطباء وهم يمضغون الكلام في مختلف المواضيع ودون ان يصغي إليهم احد.
فقد بدأ نشاط هذا الركن في مطلع القرن التاسع عشر على يد بعض السياسيين والمفكرين الراغبين في توصيل أفكارهم للشعب وبمرور الزمن وتطور وسائل الاتصالات بين الناس تحولت الخطابة في الهايد بارك إلى «سياحة الهذر» ومن يدري فربما يتطور البرلمان في بلادنا ويتحول إلى ركن للهذر السياحي يعزز من الأهمية السياحية للبلاد!
www.salahsayer.com
salah_sayer@