صلاح الساير
يسكن العديد من الناس في جميع أصقاع الأرض في منازل ذات مساحات معقولة تكفي ساكنيها وتحتوي على جميع احتياجاتهم الضرورية، غير أن الكويت وبعض الدول الخليجية وبسبب عوائد الثروة النفطية عرفت المنازل العملاقة أو المفرطة التي تتجاوز المعايير القياسية للخلايا السكنية وبالتالي تزيد عن حاجة أفراد الأسرة.
فالمنزل يحتوي على مساحات واسعة لا يشغلها أحد مثل الصالات والممرات والسراديب والأسطح والأفنية، الأمر الذي جعل الناس يخصصون مساحات لأغراض وهمية مثل «غرفة الضيوف» زيادة على غرفة الجلوس أو «المطبخ الداخلي» إضافة للمطبخ الخارجي! فأصبحت البيوت متاهة، الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود.
> > >
«متحف بيت البدر» بيت كويتي قديم يقع على شاطئ البحر في منطقة جبلة حولته الدولة إلى متحف ومثال للمعمار الكويتي القديم، ومن يزور هذا المتحف يعتقد أن جميع البيوت الكويتية القديمة مثله كبيرة الحجم، وذلك أمر يجانب الصواب، فبيت البدر يعود إلى تاجر كويتي معروف (يوسف البدر)، ومثل هذه المنازل كانت تسكنها الأسرة الممتدة (الكبيرة) المكونة من الأب والأبناء وأسرهم المكونة من الزوجات والأبناء والأحفاد، أما الأسر النووية الصغيرة فكانت تقطن المنازل الصغيرة التي تشابه المنازل في سائر المجتمعات البشرية من حيث المساحة.
> > >
كلمة «البيت» لدى سائر المجتمعات قد تشمل «الشقة» بصرف النظر عن مساحتها. أما في بلادنا فالكلمة تعني «فيلا» حصرا وحكما. وأتذكر أنني في مطلع الثمانينيات زرت تشيكوسلوفاكيا، وخلال الزيارة دعاني صديقي لتناول الغداء في منزل والده المتقاعد والذي شغل منصب رئيس الأركان في جيش بلاده (!) وكان المنزل عبارة عن شقة صغيرة يسكنها ذلك القائد العسكري الهمام وزوجته العجوز التي استقبلتنا وأجلستنا وأطعمتنا ونحن جلوس في حجيرة صغيرة لم تمنع مساحتها الضيقة ساكنها من تعليق صورته على الحائط وهو يستعرض مع وزير الدفاع القوات المسلحة في بلاده.