في منتصف شهر مارس من كل عام، وعندما يحزم فصل الشتاء حقيبة الرحيل وتهل على الناس تباشير الربيع تحتفل الطائفة الهندوسية في سائر أنحاء الأرض بعيد هولي Holi الذي يتراشق فيه الناس بالأصباغ المستخرجة من الأعشاب وبعضها يدعم جهاز المناعة لدى الانسان خاصة مع تغير الطقس! وقيل ان السبب يعود إلى أسطورة هندية تحكي عن الاله «كريشنا» الذي خشي ان ينتبه الناس إلى الفرق بين لون بشرته الزرقاء ولون بشرة حبيبته فقاما بالتراشق بالألوان كي توحد هذه الحيلة اللونية بينهما. ومن الواضح ان عيد الربيع الهندوسي يهدف إلى المساواة بين البشر وذلك هدف نبيل.
***
تحظر التقاليد الهندية على الارامل ارتداء الثياب الملونة أو حضور الاحتفالات لأنهن يمثلن النحس وسوء الطالع! وحسب الأخبار المتداولة في الميديا فإن المنظمات النسوية الهندية العاملة على تحرير المرأة من ربقة التقاليد حثت هذا العام العديد من النساء على الاحتفال بعيد هولي ومشاركة الآخرين الفرح والالوان. وأشير إلى أن العديد من مدن العالم صارت تحتفل سنويا بهذه المناسبة، أما الهندوس في الهند فيحتفلون بهذا العيد الذي يطلق عليه مهرجان الألوان امام معبد «سويندون» وقد تحدث رئيس المعبد إلى صحيفة الديلي ميل البريطانية ووصف المناسبة بأنها «رائعة وتجمع الناس معا وتنشر روح المساواة والتسامح بينهم».
***
يوم الاثنين الماضي الموافق 13 مارس حضرت، مصادفة، جانبا من هذه التراشقات الرائعة قامت بها مجموعة من النسوة والاطفال الهنود حيث تطايرت الاصباغ في الجو وشكلت الالوان على الأرض لوحات جميلة. ومن الاسماء التي سمعتها في غمرة الصياح واللعب أدركت ان بعضهم من غير الهندوس، ولم يمنعهم دينهم من الفرح ومشاركة الآخرين افراحهم. ذلك ان المعاني الجميلة والمرامي النبيلة للمناسبات الدينية تتجاوز قضية الإيمان بالمعتقد إلى الإيمان بالقيمة التي تهدف إليها المناسبة. ولذلك يقومون في اوروبا بتعليق لوحات لأحاديث نبوية شريفة بسبب إيمانهم بالقيمة السامية التي يرمي إليها الحديث دون الإيمان بصاحب الحديث عليه الصلاة والسلام.
www.salahsayer.com
salah_sayer@