www.salahsayer.com
@salah_sayerكتبت شاعرة أميركية تصف ذراعي حبيبها بقولها His hairy arms «ذراعاه المشعرتان» فانبرى لهذه العبارة أحد الأصدقاء النقاد وكتب على صفحته في الفيسبوك ان «الصورة الشعرية ستموت والاحساس يضمر في حالة ترجمة هذه العبارة إلى العربية وطلب من الأصدقاء ترجمة تحفظ للعبارة طزاجتها وحيويتها»! واستجابة لهذه الملاحظة تسابق المعلقون من الأصدقاء على تقديم الاقتراحات الذكورية مثل «ذراعاه المعشوشبتان أو المزغبتان أو ذراعاه الرجوليتان»، وعلّق آخر باقتراح ترجمة تستبدل الشعر بالعضلات! وبدت التظاهرة أشبه بالفزعة الرجالية من أجل تجريد المرأة من حرية التعبير عن مشاعرها وتصويرها للحبيب.
***
التسابق على تغيير كلمة «الشَعَر» التي وردت في القصيدة الأصلية يشير إلى هلع دفين في الذات الذكورية العربية التي لم تعتد على هذا البوح الحسي للشاعرة المرأة حين تتغزل بشَعَر ذراع حبيبها أو الهدب الطويل في عينه أو رخامة صوته وعذوبته.
فهذه الذات تعتبر مثل ذلك الغزل اعتداء على جماليات الصورة الشعرية.
فكان من الضروري اقتراح ترجمة تستبدل الشَعَر بالعشب أو الزغب أو العضلات لتخفيف الصدمة الذكورية من خلال إضفاء ضبابية على الصورة الحسية كي لا تنكشف هذه المباشرة.
ولذلك قام صديقنا الناقد برفض الترجمة الحرفية التي «تميت الإحساس» حسب وصفه.
***
من الطبيعي أن تتغزل امرأة «بشَعَر ذراع حبيبها» لا بنعومته.
وأحسبها صورة جميلة في عيون النساء ولن تميت الاحساس لديهن، تماما مثلما يتغزل الرجل بضفائر حبيبته أو نعومة كفها أو خصرها النحيل أو رمشها الكحيل أو قوامها الجميل.
بيد ان الرجل صانع المسطرة النقدية فرض على النقد معياره الخاص حيث يحصر إبداع المرأة ـ الشاعرة في الحديث عن شهامة الحبيب أو شجاعته أو كرمه، أو عليها ان تغرق في الأخيلة والاستعارات، فلا تصف ذراع الرجل مباشرة بأنها مشعرة.
اما الشاعر ـ الرجل ـ الذكر فوحده له الحق في استعمال الحواس لوصف المرأة، فثغرها عذب واسنانها لؤلؤ وشعرها حرير وصوتها تغريد وانفاسها زهور وعطور.