الكذب نقيصة وعيب مشين، والكذاب شخص غير موثوق به من الآخرين. إلا أن بعض الكذب (الحميد) فن يحتاج لمهارات خاصة وخيال خصب وصياغة احترافية، كي يتمكن الكذاب من تقديم وجبته اللذيذة للسامعين الذين يقبلون على أكاذيبه ويستمتعون بها لما تنطوي عليه من تشويق ولذاذة يبعد القصة المروية عن الشك والظنون، بعكس بعض الأغبياء الكذبة الذين يسيئون بحق السامع مرتين، الأولى لأنهم يغشونه ويكذبون عليه ويزيفون الحقيقة، والمرة الثانية لأنهم لا يحترمون عقله حين يختلقون رواية مهلهلة رديئة الصنع، خاصة حين ينسى الراوي الكذاب تفاصيل الكذبة ويبدأ بعملية القص واللصق.
> > >
خلال إقامته في البيت الأبيض عقد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون علاقة غرامية مع امرأة تدعى مونيكا لوينسكي وحين خرجت العلاقة من السر إلى العلن بما عرف بـ (مونيكا جيت) خضع فخامة الرئيس الكذوب إلى تحقيق قضائي، وكادت الفضيحة ان تطيح به من سدة رئاسة أكبر دولة في العالم ليس بسبب العلاقة الغرامية أو الجنسية التي ربطته بالمرأة بل لأنه (كذب) على الشعب الأميركي أثناء التحقيق معه. ذلك أن المجتمع الأميركي مجتمع حر واضح يحترم خصوصية الأفراد وتلك بيئة نظيفة لا تشجع على نمو الكذب في النفس البشرية بعكس مجتمعاتنا التي تنمي هذه الصفة المرذولة.
> > >
بعض الكذابين مطبوعون على الكذب الذي يشكل متنفسا لمواهبهم الدفينة خاصة المفوهين أو (الكلمنجية) وبعضهم من المشاهير في الإعلام الذين يعيدون روايات سمعوها من الآخرين فيضيفون عليها من المشوقات والمحسنات البديعية لتنتشر روايتهم المكذوبة أكثر من الرواية الحقيقية.
وأشير إلى أن البطريرك الراحل البابا شنودة كتب عن «الخطية المزدوجة» حين تكون خطية الكذبة تخفى وراءها خطية ارتكبها الكذاب.
كما يعتبر ترويج الإشاعات صنفا من صنوف الكذب. أما أبشع أنواع الكذب فهي الغيبة التي يتعرض فيها الكذاب لأعراض الناس ويأكل لحمهم في حضرة السامعين أو الشياطين الخرساء.
www.salahsayer.com
salah_sayer@