في المدارس والنظريات الفكرية والفنية والسياسية والاقتصادية توجد قواسم مشتركة تجمع المنتمين للمدرسة الواحدة من المؤمنين بها والمصدقين لتعاليمها. بيد أن ذلك «المشترك» لا ينفي وجود «المختلف» بينهم.
والسبب يعود إلى الطبيعة البشرية التي تفرض على الناس التفرد عن بعضهم البعض. ولأن للعقول اتجاهات مختلفة، قيل قديما «كل بعقله راضي» فالنظرية واحدة وقد يكون واضعها فيلسوف أو مفكر واحد، لكن المتأثرين بها كثر وكل شخص فيهم يقارب ويشرح الفكرة من زاوية تختلف عن الآخر.
فالرهبان البوذيون يؤمنون بالبوذية لكن ليس كل راهب فيهم على استعداد لحرق نفسه حسرة على التبت واحتجاجا على الصين.
> > >
وكما يحدث في المدارس والنظريات الوضعية التي وضعها الإنسان، يحدث في الأديان السماوية التي يتشعب فيها الناس إلى اجتهادات ومدارس ومذاهب وفرق متعددة.
فالديانة اليهودية تنقسم إلى فروع متعددة مثل اليهودية الأرثوذكسية واليهودية المحافظة واليهودية الإصلاحية (التي ألغت الصلوات ذات الطابع القومي وأدخلت الموسيقى في الصلاة وسمحت بوجود الجنسين ومنعت تغطية الرأس)! وكذلك الديانة المسيحية التي تنقسم إلى كنائس متعددة منها الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروستانتية. وليس ديننا الحنيف استثناء. فالديانة الإسلامية واحدة، أما الطريق إليها ومنها فيمر عبر جهات واجتهادات مختلفة.
> > >
رغم هذه الحقائق ورغم وجود العديد من المذاهب والفرق الإسلامية، فإنه كلما قام إرهابي بعملية انتحارية أو قام بتفجير الناس الأبرياء الآمنين تصارخ البعض منا: «انه لا يمثل الإسلام» وكأن غيره من البشر يحق لهم تمثيل الإسلام أو أنهم قادرون على ذلك.
وننسى أنه لا أحد يحق له تمثيل الإسلام سوى النبي المصطفى، صلى الله عليه وسلم، أما سواه من البشر، فيمثلون فهمهم للدين، وليس الإرهابيون استثناء. فالجهادي الانتحاري يؤمن بأنه في حرب مع الكفار، وهو مثله مثل غيره الذين يختلفون عنه، جميعهم يمثلون فهمهم (الخاص) للدين الحنيف.
وأشير إلى الطائفة اليهودية الأصولية «الحريديم» التي تحرم الخدمة العسكرية في جيش بلادها رغم انه يخوص حربا مصيرية مع أعداء إسرائيل. فرغم الفارق الكبير والخطير بينها وبين الطوائف الأخرى تبقى طائفة يهودية!
www.salahsayer.com
salah_sayer@