عندما تقدمت «طالبان» للسيطرة على العاصمة «كابل» لم تكن افغانستان بهدوء سويسرا أو استقرار النرويج وقت كانت أدخنة الحرب الأهلية تعانق السماء وكانت الأرض المحروقة مسرحا دمويا للعديد من المواجهات المسلحة العنيفة بين أمراء الحرب. فقد كان المجاهد «برهان الدين رباني» رئيس الجمعية الإسلامية يقاتل المجاهد «قلب الدين حكمتيار» رئيس الحزب الإسلامي المتحالف مع الجنرال الدموي «عبد الرشيد دوستم»، وكان المجاهد الآخر «أحمد شاه مسعود» يخوض غمار المواجهات قبل ان تغتاله منظمة القاعدة بقيادة المجاهد «اسامة بن لادن» أحد أخطر الأفغان العرب.
> > >
في هذه المعمعة المسلحة والتشابك الدموي المسلح بين المكونات والاثنيات الافغانية المختلفة تقدمت «طالبان» لتسيطر على افغانستان (بسرعة لافتة) نتذكرها اليوم بعد ان شهدنا الوقت القياسي الذي استغرقه تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» للسيطرة على الموصل في العراق. ولولا النتائج النهائية الخائبة لهذه التنظيمات السياسية الدينية واندحاراتها العسكرية في (العراق وافغانستان وسورية وليبيا) لقبلنا وصدقنا ما يتردد في خطابهم بأن الملائكة تحارب معهم، وان (المجاهدين) يتمتعون بكرامات خاصة، منها قدرتهم على إسقاط الطائرات بالحجارة أو ما يشبه ذلك من كرامات مزعومة.
> > >
أمور غريبة عجيبة أقرب للأخيلة والأساطير تحدث (فقط) في عوالمنا المسحورة، حيث الناس يقبلون على هذه الخطابات التي لا علاقة لها بالتشخيص السياسي السليم أو التحليل العسكري الرصين، وحيث التنظيمات الدينية المريبة والغامضة تصعد بسرعة كمثل صعود الألعاب النارية إلى السماء فتخطف الأبصار قبل ان تسقط في الظلام وتختفي فلا تترك لها اثر. وهذه غرائبية تذكرنا بأحداث وزعماء الفترة القومجية ومنهم البكباشي (جمال عبدالناصر) الشاب الذي لم يتجاوز منتصف العقد الرابع من عمره (34 سنة) وتمكن بسرعة قياسية من قيادة الشعوب العربية وجرجرتها على الشوك العضوض.
www.salahsayer.com
salah_sayer@