www.salahsayer.com
@salah_sayer
ليست الدول الخليجية الوحيدة في العالم التي يتشارك فيها الوافدون والمواطنون العيش على ثراها ويمشون في مناكبها طلبا للرزق.
ففي الدول الصناعية المتقدمة التي تعج بمواطنيها الأكفاء المهرة يوجد وافدون يعملون مع «عيال بطنها» من ابناء تلك الدول ويشاركونهم الإنتاج والإبداع ودفع الضرائب، حيث لا توجد تناحرات وخناقات «صبيانية» بين الوافدين والمواطنين كما هو الحال في مجتمعاتنا التي تنتشر فيها نظرات الشك والريبة والغمز واللمز بين الوافد «العربي» والمواطن.
وهي خناقات مستمرة، ما إن ينقشع غبارها حتى يثور من جديد.
***
قلت الوافد العربي قاصدا متعمدا، فمثل هذه التناحرات لا تحدث مع العمالة الوافدة الأخرى. فالهنود في مجتمعاتنا الخليجية «أكثر وأقدم وأوسع انتشارا وأعمق تأثيرا»، ورغم ذلك لا نسمع عن مثل هذه الخناقات مع الوافدين الهنود.
وذلك لا يعود إلى خلل في الوافد العربي وحده، فالخلل يكمن في «الذهنية الجمعية» لدى الفريقين المتناحرين «الوافد والمواطن»، وهي ذهنية عربية واحدة تحكمها الأوهام وأمراض الرغبة في الاستحواذ والانغلاق وقصر النظر والاستقواء والازدراء والغطرسة و«النفخة الكذابة»، حيث الصراع يحتدم بين طرف محلي يصرخ «شغلناكم في بلدنا» وطرف وافد يصيح «علمناكم يا جهلة»!
***
الدول الخليجية أو «الجزيرة العربية» بحكم موقعها الذي يتوسط العالم وسواحلها الطويلة وموانئها العريقة تتمتع بسوق عمل مفتوحة منذ القدم. والأسواق الحرة فيها لا ترتهن لمثل هذه الأوهام والأقاويل.
ففي مطعم واحد في دبي يعمل وافدون يحملون الجنسيات التالية (البرازيل، نيجيريا، المغرب، أميركا، فرنسا، مصر، البرتغال، جنوب افريقيا، أوكرانيا، مدغشقر) وذلك أمر طبيعي يتزامن مع حيوية التنمية وسرعتها في الدول الجاذبة للعمالة الوافدة.
اما التحجج بالماضي لدى المنطق الوافد والذي تلخصه كلمة «علمناكم» فمنهج فقير الحيلة والمعرفة، يجهل حقائق التاريخ ويثير الضغائن ولا ينفع صاحبه، خاصة حين تتم مقارنة الماضي بالحاضر.