www.salahsayer.com
@salah_sayer
أكتب عن العنف الدائر بيننا في حياتنا، وعن القسوة الظاهرة في قاموسنا (الجديد) حيث تتفاقم في مجتمعنا الصغير النزعة العدوانية، وأضحى الناس أكثر ميلا إلى ازدراء الآخر والحط من قدره. كما يمكن رصد الإحساس الوهمي لدى البعض بتفوقهم الذي يمنحهم الحق بتزكية ذواتهم وإصدار الأحكام على الآخرين. وقد انتشر في الفترة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لأطفال يلعبون في النافورة في سوق المباركية وصاحب الفيديو تعليق للفتاة التي قامت بتصويره تنتقد فيه تصرفات الأطفال وتدين أهلهم وتصف المشهد الطفولي البريء بالوقاحة والوساخة (!!)
***
لهو الأطفال في النوافير العمومية قضية خلافية رغم انتشارها في العديد من دول العالم. وذلك بسبب عدم استعداد الطفل للتعرض للماء. فالثياب المبللة قد تجلب نزلات البرد. أو بسبب الحوادث التي قد تنجم عن تراكض الأطفال فوق أرضيات صلبة وزلقة. وكان من الممكن رفض أو انتقاد مثل هذا السلوك دون الحاجة إلى استعمال مفردات جارحة. بيد ان القاموس (الجديد) أمسى هو سيد الموقف. فالقسوة في التعبير عن الرأي أضحت سمة من سمات الحوار حيث الناس يميلون إلى الشقاق والخلاف وتبادل الأحكام والتهم والوجع دون الإفساح في المجال للنوايا الحسنة.
***
الأغرب من الفيديو «العفوي» الردود الغاضبة التي اثارها. فقد عجت الشبكة العنكبوتية بالعنتريات الساحقة الماحقة، وشارك الكثيرون في هذه «الحملة الإعلامية الشرسة» وأمست قصة «اطفال النوافير» بين ليلة وضحاها قضية مقدسة ينبغي عدم التخلف عن خوض غمارها (واللي يحب النبي يضرب). بقي ان أشير إلى أحد الردود الذكية الذي قام صاحبه بإعادة نشر فيديو الأطفال والنافورة ولكن بمصاحبة (موسيقى) بعد ان نزع التعليق الأصلي وطلب المقارنة مع الفيديو الأول. وكأنه يعلمنا فن الاختلاف وأخلاقه التي تقتضي طرح البديل الموضوعي دون المساس بصاحب الرأي المخالف.