حار القوم العرب في وصف المشهد الذي خلفه (الجحيم العربي)، فالأغلبية يؤكدون ان النزاع الدائر في ليبيا والعراق وسورية ليس حروبا أهلية بين المواطنين هنا أو هناك، بل مؤامرة وحروب عصابات ومرتزقة وإرهابيون مدفوعون من جهات خارجية (دولية وإقليمية) مثل أميركا وروسيا وتركيا وقطر، ويستشهد القوم العرب بحقائق موثقة لا تقبل الشك مثل تنظيمات (داعش وثوار بنغازي والنصرة) بما فيها من مقاتلين قدموا من الخليج وتونس ومصر وأوروبا ومالي.
وكذلك ميليشيات (حزب الله ولواء أبو الفضل العباس) بأفرادها القادمين من لبنان وأفغانستان وإيران.
****
التشخيص العربي لما يجري في ليبيا والعراق وسورية ناقص كالعادة.
ذلك ان الحرب الأهلية أو المذهبية لا تتعارض مع المؤامرة.
فقد ينشب نزاع أهلي في بلد ما ليشكل فرصة سانحة للتدخل الخارجي.
فلو أن العراق لم يكن منقسما على نفسه ما كان يمكن لداعش التوغل في الموصل والسيطرة عليها.
ولو أن الانشقاقات لم تحدث في الجيش السوري وفي الحكومة (رئيس الوزراء) لما تدهورت الأحوال الأمنية في سورية.
فلماذا الخجل من وصف الحرب بالاهلية ؟ وكأن السوريين لا يتحاربون فيما بينهم، أو أن الليبيين والعراقيين لم يحملوا السلاح ضد بعضهم البعض.
****
التشخيص العربي الناقص متوقع ومعروف.
فنحن نخاف من وصف حقيقة الأمور والأشياء لهذا نسارع إلى (التورية والاستعارة والكناية) لمساعدتنا على التوصيف.
مثلما حدث لهزيمة حرب 1967 التي وصفناها بأنها مجرد (نكسة) وأسوق مثالا آخر من تجربتي الشخصية، فكاتب هذه السطور سبق ان سقط في جب الأوهام حين كان يصف (الغزو العراقي للكويت) بالغزو الصدامي، وكأن صدام حسين جاء من المكسيك لا من العراق.
وأختم بأستاذ «العلوم السياسية» في الكويت الذي يصر على وصف ثورة شارك فيها ملايين المصريين وشاهدها العالم بالصوت والصورة بأنها.. انقلاب عسكري!
www.salahsayer.com
salah_sayer@