كتبت عن دور المثقف في المجتمع العربي ورفضت دوره الافتراضي والمحصور في إزعاج السلطة السياسية وحدها، وطالبته بإزعاج السلطات جميعها وعلى رأسها السلطة الاجتماعية بهدف فتح آفاق جديدة أمام المجتمع وطرح اسئلة تساعد الناس على التفكير. فالمجتمع بحاجة إلى مثقف شجاع قادر على مواجهة الذات ومقارعة الثقافة السائدة ومصارحة الناس بحقيقتهم، لا مثقف يعلق نقصهم وقصورهم على مشجب «القصور» والحكومات. فجاء أحد الردود على ما كتبته في المقال بصيغة سؤال (ماذا لو أمر الحاكم باجتياح دولة جارة؟! .. هل توافق أن يصفق له المثقف)؟
***
من الواضح أن صاحب السؤال يقصد الاجتياح العراقي للكويت! والمقصد البعيد للسؤال يهدف إلى تبرير موقف بعض المثقفين العرب الذين صفقوا لصدام وهو يجتاح بلادي. وتلك طريقة دارجة لدى العرب حيث النقاش يعني العراك والتصيد على الآخر وتفخيخ الأسئلة، لا إثراء الموضوع المطروح للنقاش. كما أن السؤال ينطوي على فهم قاصر لفكرة المقال الذي كان يتحدث عن أهمية تحريك المياه الراكدة في الفكر العربي ودور المثقف في تبديد السكونية المهيمنة على الثقافة العربية. وذلك لا يعني أن يقوم المثقف بالتصفيق للسلطة السياسية أو التطبيل والتزمير لها.
***
الحاصل.. أنني بعد أن قرأت السؤال الخبيث بعثت الرد عبر البريد الإلكتروني وأجبت السائل بنعم «ينبغي على المثقف التصفيق لحاكم يقرر اجتياح بلد آخر شريطة أن يكون سكان ذلك البلد من الكموجات)! وفي الغد تسلمت منه رسالة يسألني فيها: ماذا تقصد؟ وما الكموجات؟ فكتبت له الرد التالي: الكموجات يا سيدي جمع، والمفرد كموج وهي كائنات تشرحها رواية معروفة وردت في التراث العربي وتتحدث عن شخص من العامة جاء إلى الإمام الاشبيلي يسأله «ما هو الكموج»؟ فرد الاشبيلي «أين قرأتها»؟ فقال الرجل: في قول امرؤ القيس «وليل كموج البحر أرخى سدوله» فقال الاشبيلي بعد أن أدرك ورطة السائل: نعم.. أن الكموج دابة تقرأ ولا تفهم)!
www.salahsayer.com
salah_sayer@