جماعات «الإسلام السياسي» لا تفوت فرصة إلا وتؤكد إيمانها بالديموقراطية وارتباطها بالحياة السياسية العصرية، حتى ان الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية، رفض مقولة (الإسلام السياسي) ونادى بمفهوم جديد اطلق عليه «الإسلام الديموقراطي» رغم تعارض فكرة الديموقراطية مع فكرة (الحاكمية) المعروفة والمتجذرة لدى هذه الجماعات.
فالديموقراطية تشترط الاعتراف بحقيقة التنوع في المجتمع، مثلما تستوجب الإيمان بالتعددية التي تعني احترام حق الجميع بالتعبير والمشاركة والتأثير واختيار المرجعيات الفكرية والفلسفية.
فهل هذا الإيمان الإسلاموي بالتعددية حقيقي؟
****
نقرأ في تقرير بعنوان (التيارات الإسلامية بعد الربيع العربي) أعده أحد الباحثين المنتمين لهذه التيارات يصف فيه ثورة 30 يونيو 2013 بأنها (انقلاب عسكري) وتجاهل ملايين البشر الذين شاهدناهم وهم يتظاهرون بهدف خلع رئيس البلاد آنذاك.
فالباحث لم ير في مصر سوى «عشيرته» أما تلك الحشود المليونية فخارج دائرة الرصد والبحث.
كما يضيف في موقع آخر قوله (إما أن يتكيف الإسلام السياسي مع إكراهات الواقع أو أنه يتصادم مع الدولة العميقة) فلا يوجد في المجتمعات العربية شعوب وتوجهات وأفكار غير (الإسلام السياسي) الذي يضعه مقابل (الدولة العميقة) وذلك تشخيص مخل وغير معقول كما أنه يتناقض والإيمان بالتعددية والتنوع والديموقراطية!
****
نعود إلى المربع الأول وإلى السؤال الأول.. كيف يستقيم الإيمان بالديموقراطية وإلغاء الآخر المختلف؟ وكيف تعيش (المنافسة مع المغالبة) حين تتحول ملايين الناس إلى شبح لا وجود له؟ وكيف نصدق أنه من الممكن جمع النار والماء على سطح واحد؟ وكيف نصغي لمزاعم التنوع والتعددية وسائر مفردات الديموقراطية ونحن نرصد مظاهر الإلغاء في البحوث والدراسات والبيانات؟ ومتى ندرك أن مفهوم (الحاكمية لله) حتما وحكما، يتناقض بالضرورة مع الديموقراطية التي تشترط البيئة الفكرية والثقافية الليبرالية التي يرفضها مشايخ الديموقراطية؟
www.salahsayer.com
salah_sayer@