تطورت أشكال الدول التي عرفتها البشرية منذ بدء الخليقة نتيجة لتطور أفكار البشر حول إدارة شؤونهم وتنظيم العلاقات فيما بينهم. فعرفت البشرية الجماعات المتفرقة والعشائر ثم الممالك والامبراطوريات العظيمة إلى الدول الدينية التي تحكم بالأرض باسم السماء ثم عرف الناس «العقد الاجتماعي» الذي ينظم حياتهم ويشدهم إلى مركز الدولة ثم تطورت القوانين وعرفت البشرية الدولة الحديثة أو الدنيوية القائمة على المواطنة. بيد أن طغيان العولمة وتأثير مفرداتها على حياة الناس أصبح يتهدد الثوابت والقوالب والمفاهيم القديمة ويفرض مستجدات قد تغير شكل الدولة ومفاهيم الولاء الوطني بين الناس.
> > >
تتشكل الدول لتضم أفرادا (مواطنين) يعيشون ويعملون فيها. فالمزارع الفيتنامي يعمل في مزرعة في فيتنام، والمعلمة البرازيلية تعمل في مدرسة في البرازيل والجندي السنغالي يذهب للعمل في ثكنة عسكرية في السنغال. أما اليوم فقد اختلفت الأحوال. فغرفة العمليات العسكرية التابعة للپنتاغون تقع في ولاية «فلوريدا» تراقب إرهابيا في «اليمن» فتعطي أوامر لطائرة بدون طيار يتم توجيهها من قبل ضباط إنجليز يعملون في قاعدة في «بريطانيا» ومن العمل العسكري إلى الاقتصاد إذ تكفي الإشارة إلى أننا نعيش في زمن الإنترنت حيث يتداول الناس بيع وشراء الذهب والفضة والعملات والنفط عبر هواتفهم الذكية في مواقع الإنترنت التي لا تقع على خارطة العالم.
> > >
اختلاف وغموض طريقة ومكان العمل سوف ينعكس على تماسك الدولة الوطنية في المستقبل وقد يضعف الولاء لها لصالح الشركات. ومن يدري فقد تتحول الشركات العابرة للقارات إلى دول يحمل موظفوها (مواطنوها) جواز سفر ونشيدا وطنيا ولديهم علم يحيونه كل صباح حيثما كانوا. وقد يتم تقسيم دول العالم حسب الجغرافيا الافتراضية لا الحقيقية. ونتذكر أن بعض الدول تقدم الإقامة الدائمة لمشتري العقار فيها.
وفي الصحف قرأنا إعلانا عن مشروع سكني في تركيا يقول «اشتر شقة واحصل على الجنسية التركية» واليوم لدينا تاجر عقارات يعمل رئيس أكبر دولة في العالم. انه عصر البزنس والشركات العملاقة.www.salahsayer.com
salah_sayer@