عرفت الحياة الأميركية خلال الحرب الباردة ما يعرف بالمكارثية المنسوبة للسناتور جوزيف مكارثي الذي قاد حملة لتحصين البلاد من خطر التغلغل الشيوعي فسعى إلى التحقيق مع المتهمين بالتعاطف مع الشيوعية بين صفوف المثقفين وموظفي الدولة وقد تسبب ذلك بسجن الابرياء وفقد البعض وظائفهم نتيجة (المبالغة) بالاتهامات والتخوين حتى أصبح مصطلح المكارثية في الادبيات السياسية يعني (الارهاب الفكري) بسبب ان اكثر المتضررين كانوا من الفنانين والكتاب والاعلاميين الذين قاموا بتسليط الضوء على (الجانب السلبي) في المكارثية وغفلوا عن أهميتها في تحصين الداخل الأميركي وإيقاظ الروح الوطنية.
****
نحن في الخليج بحاجة اليوم إلى مكارثية خليجية (محسنة) ذلك انه بجانب الحروب الساخنة التي تدور حول مجلس التعاون الخليجي، تخوض دولنا حروبا باردة لكنها حروب عصيبة حيث نشهد الانفاس الكريهة تتغلغل في تفاصيل الحياة في مجتمعاتنا بحجة (حرية التعبير عن الرأي) وحيث لم يزل البعض يمارسون الفذلكات الفكرية وتعويم المشكلات والتغافل عن خطر تيار الاسلام السياسي بشقيه السني والشيعي، كما ان بعض الحكومات الخليجية لم تزل تحسب حساب منظمات حقوق الانسان (الوهمية) التي ترفع شعارات (حق يراد به الباطل).
الأمر الذي خلق للأفكار الشريرة ملاذات آمنة بين ظهرانينا، حتى أمسى جوف حصان طروادة متخما بالأبالسة المتربصين.
****
إزاء هذا الوضع الملغوم الراهن ينبغي بداية (الاعتراف) بأننا نعيش حربا باردة مع أعداء كثر، بعضهم بملامح معروفة والبعض الآخر بلا ملامح واضحة.
والخطوة اللاحقة تتجلى بالإيمان بمبدأ (من ليس معي فهو ضدي) ذلك ان سلامة الأوطان تستدعي الانضباط الوطني وتوديع الترف الفكري والانتهازية السياسية.
وأما الخطوة الأهم فتتحقق بالمكارثية الخليجية التي تستدعي التنسيق الذكي بين الدول المتضررة ورصد الأفكار والممارسات المنحرفة والإعلان عن (قوائم الخيبة) لتضم اسماء المترفين والحالمين والحاقدين وفاقدي الولاء لهذه الأوطان الخليجية المظلومة.
www.salahsayer.com
salah_sayer@