بعد أن تعب الإنسان الأول من مطاردة الحيوانات في الغابات والسهول لجأ إلى تربية الماشية بغرض توفير لحومها لطعامه، وتفنن في تجهيز اللحوم وحفظها وطبخها وأكلها قبل أن يسأم من أكل اللحم ويكتشف أضراره الصحية ليعود ثانية إلى أكل الحشائش والأعشاب، فانتشرت بين الناس الأطعمة والمطاعم النباتية. وبعد مشاركة الإنسان للبهائم أكل النباتات، خاصة البرسيم الوجبة المفضلة للدواب. لجأ إلى مشاركتها الحبوب، فأصبح الشعير طعام الإنسان الذي كان يقدم حبوب «الدخن» للطيور في أقفاصها فصار يأكلها ويأكل طعامها.
***
مخلوق لا يركد ولا يستقر هذا الإنسان الذي نحر الغابات الكثيفة من أجل الحصول على الأخشاب لصناعة الأسرة الوثيرة قبل أن يعود إلى النوم على الأرض بذريعة النوم الصحي. نعم لقد قتل (مخترع حقوق الإنسان) حيوانات كثيرة على سطح الكوكب من أجل سلخ جلودها ليصنع منها أحذية ينتعلها في قدمه مثل حافر الحيوان، وتنافست في هذا المضمار الشركات والمصانع في العديد من الدول لصناعة أشكال مختلفة من الأحذية قبل أن يعود هذا الإنسان ويقلد مشي الحيوانات التي قتلها بعد ان اكتشف فوائد المشي حافيا، حيث يعتبر المشي بدون حذاء مفيدا لصحة الظهر ويحمي من نزلات البرد ويقوي جهاز المناعة.
***
لم تغير الطيور أعشاشها، ولم تبدل الأرانب جحورها، ولا العناكب غيرت بيوتها، وبقيت الدجاجات في أقنانها، بعكس الانسان الذي كثيرا ما يبدل مسكنه. فبعد أن سكن الكهوف والعرش والخيام والأكواخ انتقل إلى الإقامة في الدور والقصور والأبراج الشاهقة قبل ان تعود جماعات «الهيبيز» للعيش في الخلاء والغابات والمتنزهات مثل الأنعام والوحوش الضواري. ومنذ أن خصف أبونا آدم على نفسه ورقا يستر عورته، والثياب تتطور وتتنوع حتى أصبحت تجارة عظيمة قبل أن يعود (حفيد آدم) عاريا مثلما كان أجداده الأوائل، حيث تنتشر في أوروبا شواطئ العراة ويتحدث القوم هناك عن ثقافة الجسد الحر!
www.salahsayer.com
salah_sayer@