نرفض التفكير «القومجي» الذي ساد المنطقة سنوات طويلة وكانت الناصرية والبعث بعض تجلياته السياسية.
بيد أن هذا الرفض لا يعني رفضنا للذات العربية ولا يعني التنكر لحقيقة الهوية الثقافية لهذه المنطقة التي نعيش فيها. كما ينبغي التأكيد على أن رفض التفكير الناصري أو البعثي بسبب انحراف ذلك التفكير لا بسبب علاقته بالعروبة.
كمثل رفضنا للتفكير الداعشي وسائر فروع الإسلام السياسي الذي لا يعني رفض الدين الحنيف، بل هو رفض انحراف التفكير الديني والتجليات القميئة لذلك التفكير والتي، للأسف، أساءت للدين الإسلامي والدين منها براء.
****
منذ اندلاع نيران الربيع «الجحيم» العربي ونحن العرب في ورطة حقيقية ونواجه مأزقا مصيريا. فبعضنا يعيش في دول تعاني من النهش الذاتي والنزاعات الداخلية بسبب تحكم الإسلام السياسي في مصير الدولة كما يحدث في العراق.
أو بسبب شهوة الإسلام السياسي للحكم كما يحدث في ليبيا، أو بسبب التدخل الخارجي من دول إقليمية تحاول استعادة أمجادها التاريخية، مثلما يجري في لبنان واليمن.
أما البعض الآخر والمرتاح نسبيا فهو أيضا «تعبان» بسبب الوضع الإقليمي والتطورات الدولية وأقصد الدول الخليجية التي تسعى جاهدة في سبيل رتق الفتوقات من حولها قبل أن يبتلع الطوفان سفائن العرب ومن فيها.
****
في ظلال هذا الوضع البائس التاعس والمشكلات المتفاقمة من حولنا ينبغي الاحتماء بهويتنا العربية، فلا طوق نجاة لنا سوى ذاتنا. شريطة تخليص الهوية مما لحق بها من حماقات قومجية شوهتها. فالعروبة المأمولة «متوازنة» لا مركز فيها ولا أطراف.
تدرك حجمها الحقيقي، ولا تورط شعوبها في حروب مجانية، كما أنها لا تصغي للمتطرفين، وتحرص على تطبيع العلاقات مع الدول المعتدلة في المنطقة، وتجاوز التاريخ العدائي معها، وتمارس الحزم مع الدول المتطرفة التي تسعى إلى تصدير الشرور إلى جيرانها.
فنحن بحاجة إلى عروبة تحترم جميع شركاء الوطن وتعترف بخصوصيتهم وتقوم سياستها الخارجية على المصالح المتبادلة مع الجميع لا على الشعارات العاطفية الجوفاء.
www.salahsayer.com
salah_sayer@