لم يفتح الرئيس الأميركي دونالد ترامب صفحة جديدة في تاريخ مدينة القدس حين قرر الاعتراف بها كعاصمة لدولة إسرائيل وأعادها مرة أخرى إلى دائرة الصراع.
فهذه المدينة كانت ولم تزل محورا للصراع مذ تأسست قبل آلاف السنوات، وشهدت نزاعات عسكرية وحروبا دامية رغم اسمها الذي يوحي أو يدعو إلى عكس ذلك، فهي «مدينة السلام، اورشليم، ومدينة الصلاة» المقدسة لدى الديانات اليهودية والمسيحية والاسلامية.
وتنازع السيطرة عليها الفلسطينيون والاسرائيليون وقبلهم البابليون واليونانيون والروم والفرس والمغول والاتراك والأيوبيون والمماليك وسائر نسل أبينا آدم عليه السلام.
***
تمثل القدس حالة ارتباك عميقة وشديدة في حياة البشر. ذلك أنها نتيجة لقدسيتها الدينية لدى الأديان السماوية الثلاثة تسببت «مدينة السلام» في الحروب وسفك دماء البشر.
وقد اختصر هذا الارتباك فيلم «مملكة السماء» للمخرج البريطاني «ريدلي سكوت» في اللقطة العلوية من المشهد الذي صور فيه تلاحم اجساد المسلمين في جيش صلاح الدين الايوبي مع الفرسان الصليبيين المدافعين عن المدينة، وكأن الأرض الوسيعة ضاقت بما رحبت، فالناس يتقاطرون من جميع الجهات ليتزاحموا ويتقاتلوا إلى حد الالتحام الجسدي في بقعة صغيرة مقدسة لدى جميع الأطراف المتحاربة، و«كل يدعي وصلا بليلى».
***
أما مشكلة القدس لدى العرب فعويصة أكثر من سواهم بسبب التداخل بين المشهدين القومي والديني، وارتباط القدس والمسجد الأقصى بالقضية الفلسطينية.
وبعيدا عن السياسة وتطوراتها تبقى حالة الارتباك البشري المتمثلة بالنزاعات حول المدن والمعابد المقدسة في مختلف الأمكنة تثير الأسئلة في النفس البشرية.
ذلك أن المعبد صنيعة الإنسان الذي خلقه الله، فكيف نسعى إلى إزهاق روح خلقها الله، سبحانه وتعالى، من أجل حماية ما صنعه الانسان؟! أيهما أهم وأولى بالحماية والمحافظة عليه؟ الإنسان البشر أم المكان والحجر؟! www.salahsayer.com
@salah_sayer