بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب والقاضي باعتبار القدس عاصمة لدولة إسرائيل خرجت مظاهرة في إحدى المناطق التابعة للسلطة الفلسطينية، ومن بين رجال يرتدون الكوفية الفلسطينية الشهيرة ويقفون قرب جدار عليه ملصقات صور ياسر عرفات، مسكت عجوز فلسطينية الميكرفون وهتفت «يا خنازير يا عرب وملعون أبوكم يا عرب» وغيرها من عبارات الشتيمة المقذعة ضد العرب، والرجال الفلسطينيون من حولها يرددون معها هتافها بعد ان أصبح شتم العرب والتهجم عليهم والحط من قدرهم «صناعة عربية» تجري على ألسن العرب وتتصدر مجالسهم وتتقدم مظاهراتهم الغاضبة حيثما كانوا.
****
غني عن القول ان العيون تتجه بأنظارها إلى «الخليج» كلما هتف أحدهم ضد العرب.
وهي العيون ذاتها التي تتجه إلى مطارح «غير خليجية» كلما تغنى شاعر بالعرب وأمجاد العروبة (!) ومثلما يبدو فإن ذلك هو قدر دول الخليج كمثل سمكة «العومة مأكولة ومذمومة» وعودة إلى موضوع «شتيمة العرب في لسان العرب» أشير إلى أنها حالة تولدت في الذهنية الفلسطينية نتيجة للإحساس بالمرارة التي نتجت عن نكبة 48 حين لم تنتصر الجيوش العربية على إسرائيل.
وبقي الفلسطيني الذي نزح من بلاده مشردا في المنافي حتى اليوم، وقد كان يمني النفس وقت نزوحه بالعودة غدا أو بعد.
****
لو أن الدول العربية في ذلك الوقت فهمت الدرس جيدا وبادرت إلى الصلح المبكر مع إسرائيل واستوعبت نازحي النكبة، لكان الأمر انتهى إلى ذلك الحدّ، بيد ان ذلك لم يكن بسبب حتمية نشوء النظام العربي القديم «الجديد في ذلك الوقت» والذي يعتبر القضية الفلسطينية «قضية العرب المركزية» والانقلابات العسكرية عموده الأساس.
ومن صدمة 48 إلى صدمة 67 تفاقمت المرارة وتعمقت مشاعر الخذلان وتسللت إلى الذهنية العربية الجمعية وأصبح شتيمة العرب على لسان العرب ثقافة عربية، دون ان يسأل احد نفسه ما الذي يمكن ان يفعله العرب خاصة بعد أن اصابتهم «بركات» شهوة الحكم لدى جماعات الإسلام السياسي المتمثل في الجحيم العربي؟
www.salahsayer.com
salah_sayer@