تعجب النملة من الحجم الكبير للخنفساء التي بدورها تعجب من ضخامة جسم الفأر الذي يدهشه الارتفاع الشاهق لأقدام العنز أو المعزة.
لذلك هو يتساءل، على الدوام، عن كيف يتحرك كائن بهذا الحجم العظيم والوزن الثقيل؟ وهو السؤال الذي تطرحه العنز على نفسها كلما مرت قرب الثور الذي قد تحتويه شاحنة نقل مع عشرة ثيران سمينة أخرى.
وحتى هذه الشاحنة الكبيرة تبدو كلعبة من لعب الاطفال حين تمر قرب قطار طويل قد يتم تفكيك مقطوراته ويتم تحميلها في جوف سفينة عملاقة. فلكل كبير أكبر منه.
***
ولو اننا عكسنا الآية وكيف ينظر الكبير إلى الصغير لكانت الدهشة والعجب وربما السخرية. فالثور البهيم الضخيم الجسيم يعجب من ضآلة العنز التي حتما تضحك كلما صدفت الفأر القزم الذي بدوره يسخر من حقارة الخنفساء التي لا تستطيع ان تخفي دهشتها من صغر حجم النملة.
وقد يدور النقاش في مجتمع الخنافس عن ضرورة لفت انظار النمال إلى معرفة حجمهم الحقيقي وابداء الاحترام الواجب لعظمة الخنفساء.
فالجميع يقيس الأمور على نفسه. وكذلك نحن البشر نقيس صحة الاشياء أو انحرافها بمسطرتنا التي وضعناها حسب واقعنا ومفاهيمنا نحن.
***
ثمة معضلة أخرى تتجاوز النمل والخنافس والمعيز وتتجلى بالاختلاف الهائل بين السفينة العظيمة وبين عيون النملة الصغيرة. فرغم حقيقة وجود السفينة، وضخامة حجمها، وأهميتها، وقدرتها على حمل جميع النمل في الكرة الأرضية، فإنها لا تحظى باعتراف نملة واحدة يعجز مدى الرؤية في عيونها الصغيرة عن استيعاب صورة كاملة للسفينة فلا تتمكن النملة من رؤيتها. ولا أحسب البشر بعيدين عن حال النمل او النمال.
ذلك ان بعضنا ينكر الحقائق الموجودة المرصودة المشهودة بسبب عجزه عن الرصد والرؤية. فهو صادق في الإنكار بسبب عدم قدرته على الرؤية لا بسبب قدرته على الفهم. والله المستعان.
www.salahsayer.com
@salah_sayer