عرفت المجتمعات العربية في دول الأنهار (مصر والشام والعراق) التعليم النظامي قبل أن تعرفه مجتمعات الجزيرة العربية (دول مجلس التعاون الخليجي) فمكنت تلك الريادة المجتمعات النهرية من التأثير في الإعلام والتعليم وصياغة الذهنية العربية الحديثة على نحو يتماهى مع ثقافتهم ومعارفهم.
الأمر الذي جعل الناس العرب (بمن فيهم الخليجيون) يعرفون عن تاريخ الفينيقيين والسومريين والفراعنة أكثر مما عرفوا عن تاريخ الجزيرة العربية حتى حسب الكثير من الناس اننا نعيش في منطقة لا تاريخ لها ولا منجزات حضارية فيها!
****
لست أعتب على المثقف العربي الذي قصرت معارفه وشحت حصيلته.
فالعتب واللوم يلحقنا وحدنا نحن أبناء هذه المنطقة الذين حصرنا تاريخها في مسلسلات بدوية ساذجة تدور حول الثأر والخيانات، وجهلنا انه منذ أكثر من 2000 سنة انزعج الإمبراطور الروماني «تيبيريوس» من تجارة الامبراطورية الرومانية مع الجزيرة العربية بقوله: «إن نساء روما المهووسات بالبخور والعطور التي تأتي من بلاد العرب قد تسببن في خسارة الخزينة العامة في روما.
فالعرب (الخليجيون) يزدادون ثراء ويكومون الذهب بينما نحن نزداد فقرا» وهذا جزء بسيط من تاريخنا ورد على لسان احد الذين تعاملوا مع أجدادنا من الخليجيين القدماء.
****
للمجتمعات الخليجية في التجارة الدولية تاريخ (مهمل للأسف) وفي مكافحة الاستعمار لها نضال مجيد (مسكوت عنه)، كما عرف سكان الجزيرة العربية المعمار وزراعة الواحات وسفوح الجبال.
وكذلك برع أجدادنا في تطوير أنظمة الري (الافلاج) والتخزين ومهروا بالملاحة وصناعة السفن والتعدين والفنون وتصدير اللؤلؤ والتمور واللبان والخيل وإعادة تصدير التوابل والحرير وتطول قائمة الإنجازات الحضارية في منطقة تكمن تحت رمالها آثار كنائس ومعابد وقلاع تروي قصص ممالك عربية قديمة لم يدركها عرب الأنهار من صحافيين ومعلمين وأدباء وعموم المثقفين فصاغوا ذهنية عربية تشبههم وتعكس معارفهم. لكنها لا تعبر عن حقيقة التاريخ.
www.salahsayer.com
salah_sayer@