قبل معاهد ويستفاليا في أوروبا عام 1648 ونشـــوء الدولة القــومية أو الوطنــــية لم تكن المجتمعات البشرية تعرف مصطلح «الوطنية» ولم يكن الناس يشعرون بالانتماء الوطني للدولة التي يعيشون في كنفها. فكان الإنسان يولد في مدينة ما ثم يعيش في مدينة بعيدة أخرى. وفي بلادنا الكويت يوجد العديد من المواطنين الذي وفد أجدادهم من مواطن أخرى، فأقاموا وأصبحوا مواطنين. وفي المقابل يذكر لنا التاريخ القريب هجرة العديد من الكويتيين إلى بلدان أخرى والإقامة فيها حتى أصبحوا مواطنين في هذه الدولة أو تلك وقت كان الأمر لا يتطلب تأشيرات دخول أو جوازات سفر أو شهادات جنسية.
> > >
الأصل والفصل والعرق ولون البشرة والعيون والموروثات الجينية مفروضة على الإنسان ولا قرار له في اختيارها. أما مكان المعيشة فعرضة للتغيير والتبدل. وعلى عكس الحيوانات التي تكتفي بالعيش في بيئتها الطبيعية ينزع البشر إلى تغيير الأمكنة. فقد عاش الناس آلاف السنوات وهم يهاجرون ويبدلون أماكن عيشهم قبل معرفتهم بالسيادة الوطنية التي صاحبت ظهور الدولة الوطنية أو القومية والتي نظمت نزعة الهجرة لدى البشر بإصدار قوانين الهجرة وترسيم الحدود. بيد أن ذلك لم يمنع الإنسان من السعي في مناكبها وتغيير موقع معيشته والانتقال من مكان إلى آخر.
> > >
(أحمد زويل، كارلوس منعم، رشيدة داتي، زها حديد، مجدي يعقوب) وغير ذلك من أسماء عربية لأناس عاشوا في الغرب فأنتجوا وأبدعوا في أوطانهم الجديدة التي أما اختاروها بأنفسهم أو اختارها ذووهم المهاجرون إلى بلاد الغرب. وفي هذه العجالة أشير إلى القول المأثور «حيثما علقت معطفي يكون بيتي»، فالأوطان الجميلة ليست تلك التي نولد فيها بل التي نختارها ونموت فيها. ذلك أن الإنسان، ومثلما هو معروف، يعيش في محيطه الصغير لا في الوطن الكبير. فمتى ما توافر لديك أسرة ومنزل ومصدر رزق وأصدقاء وجيران فذلك هو الوطن وليس سواه. وأختم بالقول إن الوافد الذي يحرص على أمن البلد الذي يعيش فيه هو أنفع له من مواطن خؤون.
www.salahsayer.com
salah_sayer@