تحدث ولي عهد المملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان إلى صحيفة «الواشنطن بوست» عن الإجراءات الإصلاحية اللافتة في بلاده والتي وصفها بأنها «جزء من العلاج بالصدمة الذي يعد ضروريا لتطوير الحياة الثقافية والسياسية في المملكة».
والعبارة التي استخدمها الأمير تفصح عن رؤية إدارية ثاقبة ومتقدمة، أحاول مقاربتها في هذه العجالة بعد أن أشير إلى صدمة أخرى، سابقة، يعرفها خبراء الإدارة وتكون عادة مصاحبة للتغيير (أي تغيير) فلا يجد قبولا من العاملين «المصدومين» بتغيير البيئة القديمة، لذلك يشرع أكثرهم «دونما قصد» في مقاومة التغيير بسبب طبيعة البشر الذين يفضلون المألوف والمعتاد. وتعتبر هذه الصدمة «الطبيعية» من معوقات الإصلاح وسبب فشل العديد من خطط التحديث.
***
من الأقوال المأثورة في مجتمعاتنا الخليجية قولنا «قابل الصياح بصياح تسلم»، والعبارة ليست بعيدة عن قول أبي نواس «داوني بالتي كانت هي الداء»، فالعلاج بالصدمة هو استخراج الدواء من مكمن الداء.
ذلك أن الصدمة الناشئة عن التغيير و«المرصودة في علم الإدارة» داء عضال يتطلب لعلاجه أو تجاوزه صدمة مقابلة له، وقد تمثل ذلك بصورة جلية في الإجراءات السعودية الأخيرة حيث «العلاج بالصدمة» يعمل على تحصين الإصلاحات التي ترغب الدولة في الشروع بها في حين أن غياب الصدمة يفسح في المجال للوجوم الإداري مثل الإحجام أو التراخي وبالتالي مقاومة التغيير أو تباطؤه وعدم بلوغ الأهداف المرجوة، فتكتمل أركان مصيدة الإصلاح.
***
الخطوات العصرية والإصلاحية الرائعة والنافعة والمبشرة في المملكة العربية السعودية جيدة جدا، بيد أنها وفي الوقت ذاته «صعبة جدا» على الصعيد الفني «لا السياسي أو الوطني» ذلك أن الإدارة في عموم الدول العربية إدارة ثقيلة مترهلة عصية على الإصلاح، الأمر الذي يشكل عبئا حقيقيا يقع على كاهل القادة المصلحين.
لذلك يلجأ النابهون الفطناء منهم إلى استعمال العلاج بالصدمة «الضروري لكبح التطرف وتطوير الحياة الثقافية والسياسية في المملكة» حسب قول الأمير الشاب الذي لا تخلو تصريحاته من إشارات ومحاور توفر للكتاب والمحللين السياسيين مادة للتفكر والتأمل والتحليل.
www.salahsayer.com
@salah_sayer