يختلط في الذهنية العربية العديد من العناوين والمصطلحات. ليبدو المشهد العام معتما وشديد الغموض، وفي تفاصيله الكثير من الضبابية. فمنذ قيام الدولة القطرية الحديثة والعرب يتداولون العديد من المصطلحات المبهمة غير الواضحة بما فيها مفهوم (الدولة)! ناهيك عن مصطلحات كثيرة مثل (السياسة) و(الحكومة) وغيرها من مصطلحات حديثة نتداولها بعقلية (غير حداثوية)، وفي السنوات الأخيرة شاع مصطلح (المجتمع المدني) دون التأكد من توافر عوامل وجوده في المجتمعات العربية. هل موجود في البلاد أم في الخيال؟
> > >
من أبسط تعريفات المجتمع المدني الناشئ عن الحداثة السياسية بأنه (الفضاء المتوافر خارج المجال الحكومي) ومن مؤسساته الأندية والنقابات والتنظيمات الأهلية والاتحادات والأحزاب. وحين نقترب قليلا من المشهد داخل المجتمع العربي يصدمنا الواقع الذي (تملأه الحكومات، فلا فراغ خارج مجالها)! أما الحداثة فلا وجود لها في التنظيمات الأهلية التي يتنافس فيها المتنافسون على بلوغ الماضي. فالمجتمع المدني في الدول المتمدنة قد يشكله المزارعون والعمال (ذوو الياقات الزرقاء) حين يؤمنون بالأفكار المدنية. أما في مجتمعاتنا حيث الأطباء والمهندسون وسواهم من (ذوي الياقات البيضاء) فيؤمنون بأفكار «سيد قطب» فلا وجود للمجتمع المدني.
> > >
في الكويت وفي العديد من الدول العربية نسمع عن وجود «مؤسسات المجتمع المدني» وفي بعض الاحايين تصدر بيانات وتصريحات تناشد هذه المؤسسات بالتحرك لحماية الإبداع الفكري والفني. وفي ذلك تغافل عن حقيقة الواقع المعيش الذي ينفي وجود مثل هذه المؤسسات التي نتوهم وجودها ونرصدها في جوف الكراسات ومتون الكتب. أما في المدن والطرقات فالموجود ديكورات. ومثلما تتطلب الديموقراطية السياسية وجود ثقافة ديموقراطية كذلك الحديث عن المجتمع المدني يتطلب ثقافة مدنية متمدنة متحضرة لا تنمو على ضفافها طحالب الماضوية.
www.salahsayer.com
salah_sayer@