في ليل الحقول والبساتين تصمت الكواسر والجوارح فوق الأشجار العالية، أما الضفادع الحقيرة والكائنات الصغيرة التي تعيش وطيئة لصق الأرض فتصدر أصواتا عالية تبدد هدأة الليل الصموت.
ذلك أن الصوت العالي لا يعني علو كعب صاحبه أو ارتفاع قامته بين الآخرين، وبعض البالونات حين تنفخها يخرج منها صوت مزعج وهي تطير في الهواء لتسقط تحت أقدام العابرين.
كذلك الفحيح الذي تحدثه الأفعى حين نقترب منها لا يعني قوتها أو خطورتها بل هو علامة على اضطرابها وخوفها من الآخر، وبعض أنواع الأوز يصدر أصواتا عالية قبل أن يموت، كما ان أكثر الأشجار والأغصان والأوراق التي تحدث صوتا وقت هبوب العاصفة هي أخفها وأضعفها وأكثرها قابلية للاهتزاز.
تنحت الريح وجه الجبل لكنه يبقى صامتا لا يتوجع ولا يشكو، فتعبر الرياح المكان وترحل ليبقى الجبل ثابتا في موقعه، فهل تدرك الجبال ان الصخور الصغيرة التي تتفتت منها هي ضريبة الثبات والبقاء والاستمرار والخلود؟ وهل تدرك الجوارح والكواسر روعة صمتها عند نقيق الضفادع؟