شكّلت تركيا مصدر قلق شديد لأوروبا وقت كان المهاجرون الأتراك يتزايدون في الدول الأوروبية وتتزايد معهم المشكلات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية حيث تنتشر الجاليات التركية التي تعتبر (الأقل اندماجا مع المجتمعات الأوروبية بين الجاليات الاجنبية) وإضافة لهذه الحقيقة (المرعبة) كانت تركيا (المسلمة) تواصل طرق أبواب أوروبا ليل نهار على أمل الانضمام للاتحاد الأوروبي (المسيحي) فكانت تركيا، ولم تزل، بالنسبة لأوروبا إزعاجا حدوديا وخطرا وجوديا. وتحت ضغط هذه الهواجس الجغرافية والتاريخية كانت اوروبا تبحث عن حل يجنبها مغبة الأيام المقبلة.
> > >
نظرية (اسعدهم وابعدهم) كانت الحل الذي تفتق عنه العقل الأوروبي. فلابد من مساعدة تركيا على النمو والاستقرار وإنهاء حكم العسكر فيها، وتحرير اقتصادها، ودفعها للدخول في مرحلة الازدهار الاقتصادي. فالعامل التركي الذي يجد فرصة عمل ثابتة ومستقرة في أحد المصانع التركية لن يفر من بلاده إلى ألمانيا للعمل في مصنع سيارات. انه (سعيد) بعمله و(بعيد) عن اوروبا، مثله مثل النادلة الشقراء العاملة في حانة الفندق في اسطنبول لن تضطر للهجرة من بلادها والعمل في حانة فندق نمساوي. وشيئا فشيئا تحقق الحل الأوروبي ودنت قطوفه بازدهار الاقتصاد التركي.
> > >
هذه (السعادة) التركية التي تم تصميمها بهدف حماية اوروبا وتحصينها من مخاطر هجرات غير مشروعة (وغير قابلة للاندماج) أثمرت على نحو لافت بعد اندلاع الربيع العربي المسموم، حين أضحت تركيا (فلتر) استقطب آلاف المهاجرين كانوا سيواصلون طريقهم إلى اوروبا (المسيحية) لو لم يجدوا الامان في تركيا (المسلمة) فمكثوا فيها وباعوا واشتروا وصلوا وصاموا. وبعيدا عن التحليلات السياسية والاقتصادية المغموسة بالمشاعر الدينية يمكن القول ان المعجزة الاقتصادية التركية لم تكن لتحدث لولا (الاستثمارات الأوروبية التي شكلت ثلاثة ارباع الاستثمار الاجنبي في تركيا).
www.salahsayer.com
salah_sayer@