تتحرك القوات المسلحة في جبهات القتال وتعيد تموضعها في (سرية تامة) بغرض كتمان الأمر عن العدو كي لا يعرف التشكيلات القتالية التي يضعها القادة الميدانيون فيخضعها للتحليل ويكشف الخطط التي يعدها الخصوم ضده. غير أن هناك جهات (علمية عليمة) تعرف تحركات جميع الجيوش الموجودة على الكرة الأرضية وترصدها وتراقبها وتحللها وتعرف ما يدور في الجبهات المشتعلة، مثلما تعرف عدد الآليات والصواريخ ونوعية الأسلحة. فتكتب تقاريرها للمسؤولين الذين يعرفون الحقائق بعيدا عن الأكاذيب أو المبالغات التي ترددها الاذاعات المتناطحة أو تصدح بها البيانات العسكرية.
> > >
تمتلك الدول المتقدمة أقمارا اصطناعية تسبح في الفضاء البعيد مثل أقمار الأرصاد الجوية أو الاتصالات أو أقمار الرصد العسكري أو العلمي. وأسوق مثالا من كوريا الشمالية، حيث الأقمار التابعة لـ«نورث 38» تتابع تفكيك موقع التجارب النووية في شمال شرق كوريا. وقبل أيام أكد «نورث 38» ان (العمل يتقدم بشكل جيد وقد تم تدمير المباني التشغيلية بالإضافة إلى مبان أصغر، وأزيلت السكك التي تربط الانفاق، وتم توقيف أعمال حفر نفق جديد، كما تم تثبيت منصة بين نفايات التنقيب لاستقبال المدعوين)! وغير ذلك من تفاصيل دقيقة يعجز عن رصدها العاملون في ذلك الموقع النووي.
> > >
«نورث 38» موقع يتبع جامعة «جونز هوبكنز» الشهيرة وهي في طبيعة الحال مؤسسة علمية تعليمية بحثية بيد أنها تقوم بتزويد المسؤولين بتقارير سرية عن التسلح النووي في العالم.
فبعد أن أصبحت الحروب أقرب للعلم منها للفنون القتالية الفردية أو القوة الجسمانية أضحى النصر يتحقق في المختبرات العلمية قبل أن يتحقق في جبهات القتال. وأختم بالإشارة إلى أن السماء حين تبدو صافية في نظرك هي في حقيقتها ليست كذلك حيث تحلق فيها مئات الأقمار الاصطناعية التي تلتقط صوت دبيب النمل في أجحاره.
www.salahsayer.com
salah_sayer@