أنت لم تطلق اسمك على نفسك بل اختاره لك والداك. وكذلك مصطلح (الشرق الأوسط) الذي نسمعه ليل نهار، لم نطلقه نحن (سكان هذا الشرق) على منطقتنا بل هو من مصطلحات القوى العظمى، ومثلما يبدو فإنه مصطلح مطاطي يضيق أحيانا ويتسع أحيانا أخرى حسب الاعتبارات التي يحددها من يستخدم المصطلح، وكذلك حسب نوعية المقاربات اقتصادية أو سياسية أو ثقافية ونحو ذلك. وتعتبر بريطانيا أول من استخدم هذا المصطلح حين أنشأت وزارة المستعمرات البريطانية عام 1921 (إدارة الشرق الأوسط) لتتولى شؤون العراق وفلسطين والأردن، كما وحدت قواتها في مصر والعراق تحت اسم (قيادة الشرق الأوسط).
***
قبل هذه الشرقوسطية عرف العالم مصطلح (الشرق الأدنى) ويقصد منه منطقة الدولة العثمانية والحضارات القديمة في مصر والعراق. وخلال الحرب العالمية الثانية أطلقت بريطانيا من يافا في فلسطين (إذاعة الشرق الأدنى) ولم يزل هذا المصطلح قيد الاستخدام. ففي وزارة الخارجية الأميركية يوجد مكتب (شؤون الشرق الأدنى) أو الأقرب Bureau of Near Eastern Affairs ويرأسه مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى. ويشرف المكتب واختصاره NEA على مبادرة الشراكة الشرق أوسطية. كما انه المسؤول عن تنسيق وتنفيذ السياسات الأميركية المتعلقة بالدول العربية إضافة لإسرائيل وإيران.
***
تبدلت المصطلحات من (الأدنى) إلى (الأوسط) حتى بلغنا الشرق الأوسط (الجديد) الذي تقل فيه نسبة العرب بإضافة قوميات ودول اخرى مثل (تركيا وأفغانستان وإيران) والذي يضم إسرائيل بهدف إعادة السلام والاستقرار. غير أن محور (الممانعة أو الصمود)! يعلم ان السلام يهدد أنظمته الثورية لهذا سعى إلى عرقلة ولادة الشرق الأوسط الجديد الذي لن يولد ما لم يتم القضاء على محور (الممانعة) الكذوب. فكان غزو العراق وإسقاط أحد (أنظمة الصمود الوهمي) الأمر الذي شجع إيران على التمدد أو (التورط) في العراق وسورية حتى أصبحت في مواجهة إسرائيل. لتذكرنا هذه التطورات بمقولة الشاعر الفرنسي رامبو.. (ثمة خراب ضروري)!
www.salahsayer.com
salah_sayer@