(إذا تناولت الطعام الصحي ومارست الرياضة وامتنعت عن التدخين ستموت بصحة جيدة) مقولة يرددها البعض وينسبونها للمثل الأميركي «آل باشينو» والمقولة غامضة وذات وجهين. الأول وهو الوجه (السلبي) يفيد بأن الموت مصير الإنسان ولا منفعة من التزامه في شروط الحياة الصحية. وفي ذلك تقليل من أهمية الأطعمة الصحية وممارسة الرياضة، وتقليل من خطورة التدخين على صحة البشر. وينطوي هذا التفسير السلبي على دعوة شريرة للتدخين وإهمال الطعام الصحي والتوقف عن الرياضة. وهي مثلما يبدو دعوة للانتحار. أو أنها دعوة تتنافى وحقائق العلم والدراسات الطبية الحديثة وتجارب الحياة.
> > >
اما الوجه الآخر (الإيجابي) للمقولة فينطلق من حتمية الموت وأهمية الاستعداد له (بتناول الطعام الصحي وممارسة الرياضة والامتناع عن التدخين) كي يتمكن الإنسان من الموت (بصحة جيدة) وذلك يعني أن ثمة موتا آخر (بصحة سيئة) وهذه حقيقة نرصدها في المشافي ودور العجزة والمنازل حيث يوجد كبار السن الذين يعانون من أمراض الشيخوخة. وبعض هذه الأمراض تتفاقم أعراضها لدى الإنسان الذي أنهك بدنه بالتدخين والأكل الضار وعدم ممارسة الرياضة. ولهذا نهمس في دواخلنا عند زيارة بعض المرضى من الطاعنين في السن أن موتهم أرحم لهم من الاستمرار في هذه (الحياة الميتة).
> > >
الالتزام بالاشتراطات الصحية التي يتحدث عنها الأطباء ويحث عليها الخبراء لا يسهم بتوفير (الحياة الجيدة) فحسب بل يسهم كذلك في توفير (الموت الجيد) للإنسان الفاني بطبيعته. هكذا ينبغي أن يفسر الشخص الإيجابي تلك المقولة الغامضة التي يرددها البعض بمعناها السلبي وذلك لتبرير استمرارهم في تناول الأطعمة السيئة أو استمرارهم في التدخين وسائر الممارسات الضارة بصحة الإنسان. وأختم بالإشارة إلى ان الدول المتقدمة لا يعتنون بالحياة أو يسعون لجودتها بل يسعون ايضا إلى جودة الموت أو الفترة العصيبة التي تسبقه عندما تهاجم الأمراض المرء بعد ان تخور قواه بفعل الزمن.
www.salahsayer.com
salah_sayer@