تزاحم الناس في مسيرات الاحتجاج في مدينة جاليانولا باجو الهندية عام 1919، فقام الجنرال البريطاني المسؤول عن الأمن فيها باعطاء الأوامر لجنوده باستعمال القوة المفرطة ضد المتظاهرين العزل، الأمر الذي أدى إلى وقوع مذبحة راح ضحيتها مئات من الرجال والنساء والاطفال الهنود.
وبعد هذه المذبحة بسنوات وتحديدا في عام 1947 خرج الاستعمار البريطاني من الهند التي حصلت على استقلالها ولم تنسف الجسور بينها وبين الانجليز (المستعمر السابق) بل أبقى الشعب الهندي على الكثير من المفاهيم والنظم، خاصة التعليم، واستعمال اللغة الانجليزية دونما حساسيات تاريخية أو أحقاد ماضوية.
****
هذه الجسارة على التقدم والمضي إلى الأمام وعدم الالتفات إلى الوراء أو التمترس في خندق الأمجاد العتيقة تتكرر لدى الشعوب القوية والتي تمتلك امجادا حقيقية وحضارات مؤثرة، وأشير إلى الشعب الياباني ونهضته العظيمة وتعاونه مع الولايات المتحدة الأميركية بعد الحرب العالمية الثانية التي قامت خلالها اميركا باحتجاز الأميركان من أصل ياباني في المعسكرات وقصفت اليابان بالقنابل الذرية فقلبت عاليها اسفلها.
غير ان اليابانيين لم يحولوا المأساة إلى حائط مبكى أو يصنعوا من التاريخ عذرا يمنعهم من التعاون مع الشعب الاميركي، الأمر الذي أدى إلى ازدهار اليابان.
****
على عكس الهنود واليابانيين وسائر الشعوب الشجاعة القادرة على صناعة المستقبل فعل الهنود الحمر في اميركا الذين تمسك بعضهم بالمحافظة على الخصوصية الثقافية والاجتماعية والاعتزاز بالموروث الشعبي الهندي «أحمري» واعتبروا اميركا «كيانا محتلا»! وبمرور الوقت تغيرت الأحوال في العالم.
أما هم فبقوا في حياتهم البدائية وتم تخصيص محميات خاصة بهم يؤمها السواح الراغبون في مشاهدة «الهنود الحمر»! الذين لم يمتلكوا شجاعة المهزوم القادر على تحويل هزيمته في مضمار ما إلى انتصارات في مضامير أخرى، شجاعة حضارية تؤمن بان الممالك الحقيقية يتم تشييدها داخل الإنسان لا فوق التراب الوطني.
www.salahsayer.com
salah_sayer@