من رائحة ثياب الابن عرف والده الحاج عبدالرؤوف أن ابنه يدخن التبغ، ولأنه عمل على تربية ابنه تربية أساسها الصراحة والصدق، عمد إلى سؤاله «هل انت تشرب سجائر»؟ فأجابه الابن «نعم يا والدي» فقال الاب «اذن سأضيف قيمة السجائر إلى مصروفك اليومي»، ورد الحاج على من اتهمه بتشجيع الابن على التدخين بانه يدرك خطورة الدخان، غير أن الابن طالب في الثانوية، ولا مصدر دخل لديه، وقد يقدم على اخذ النقود من الخزانة خلسة فتكون لدينا مصيبتان: التدخين والسرقة!
***
يحتاج الناس إلى حكمة الحاج عبدالرؤوف خاصة الآباء والأمهات الشبان، الذين لم تتراكم لديهم التجارب التربوية، فالجميع يتمنى أن يرزقه الله أبناء كاملين مكتملين، أصحاء، أذكياء، محصنين ضد الأخطاء والعثرات، بيد ان الأبناء بشر، والنقص طبيعة بشرية، ومثلما أخطأ الآباء والأمهات في صباهم فان الأبناء عرضة لهذه العثرات أو ممارسة السلوك الضار.
وعلى أولياء الأمر استيعاب هذا السلوك وتقدير حجمه الحقيقي دونما مبالغة أو تهويل، والتعامل معه على نحو ذكي يجنب الابناء المزيد من العثرات أو الأخطاء.
***
في الحقيقة ان حكمة الحاج عبدالرؤوف يمكن تطبيقها على الأبناء والأصدقاء والمعارف وسائر الأشخاص من حولنا حتى الذين نتعرف عليهم بالمصادفة، أو في الحوادث العابرة عند وقوع مشكلة ما، أو خناقة ما، ذلك ان التصرف مع المشكلة بطريقة واقعية وعقلانية يحجمها ويحد من اتساعها، بعكس ردة الفعل الهوجاء التي قد تتسبب في حدوث مشكلة أكبر أو تحولها إلى مصيبة عصية الحل بينما كانت في بدايتها قابلة للحل لو اننا رضينا بالخسارة القليلة.
فالابن المدخن، على سبيل المثال، أهون من الابن الذي يدخن ويسرق، والمدير الذي يكتب عنك تقريرا سلبيا أرحم من المدير الذي يكتب تقريرا سلبيا ويوصي بالخصم من راتبك.. «قول الحمد الله».
www.salahsayer.com
salah_sayer@