يتداول الناس، هذه الأيام، تسجيلا منسوبا لأحد رموز «الصحوة» الدينية في الكويت، يذكر فيه بعض مشاهداته القديمة المتعلقة بسلوك الكويتيين في فترة الستينيات ومظهر شبان الكويت في ذلك الوقت. فيقول انه «وفد إلى البلاد عام 1965 ولم يكن فيها شاب ملتح»، ويتطرق إلى المساجد فيقول انه «لم يشاهد الشبان يصلون في المساجد وقتذاك» وأحسب أن تسجيل الرجل لمشاهدته القديمة والثمينة شهادة مباركة في حق المجتمع الكويتي المسلم. شهادة تؤكد ما يذهب اليه الراصدون لحركة المجتمع والباحثون الاجتماعيون والمؤرخون والمهتمون في تاريخ الكويت.
***
في تلك الفترة من القرن الماضي (الستينيات) لم تكن العلاقة بين المجتمع (الاستهلاكي) الحديث والمجتمع (المنتج) القديم قد انقطعت بعد. لهذا كان أثر المجتمع القديم (الطبيعي) واضحا على سلوك الافراد، وكانت القيم العظيمة لم تزل مهيمنة على الذهنية الجمعية. وقت كان العمل والانتاج والجدية والاهتمام بالجوهر اسياد الموقف لا المظاهر والشكليات. فلم يكن الشاب بحاجة لتغيير شكله الخارجي أو ثيابه لإثبات إيمانه وعلاقته بربه. وكان ذلك قبل ان يشهد المجتمع الكويتي من يتحدث عن (العزلة الشعورية) التي تربط بين التدين والابتعاد عن المجتمع الذي سوف يوصم لاحقا بالمجتمع الكافر لدى حركات تكفيرية قادها (جهيمان) وسواه.
***
كان الافراد في المجتمع الكويتي القديم مكافحين مهمومين بالعمل والكفاح والكد والشقاء من أجل لقمة العيش الشريف. وكان ذكر الله معهم في كل وقت، وفي كل مرحلة من مراحل العمل، سواء كان الغوص أو السفر التجاري، وحتى في أغنياتهم كان اسم الله سبحانه وتعالى حاضرا. كان الجزء الأكبر من أوقات الرجال يمضي إما على متون السفن في عرض البحر أو على أسنمة الجمال وسط الصحراء. فكانت الأولوية لأداء فريضة الصلاة لا (مكان) الصلاة. وكان أهل الكويت يحرصون على تشييد مساجد يبتعدون عنها معظم أوقات السنة طلبا للرزق. فكل الشكر لصاحب الشهادة التي تثبت روعة مجتمعنا الكويتي المسلم.
www.salahsayer.com
salah_sayer@