تأتي الأديان إلى الناس من الماضي البعيد، فالدين موجود على الأرض قبل وجودنا نحن المؤمنين الذين نولد فنجد أهلنا من قبلنا مؤمنين بدين أخذوه عن آبائهم الذين تلقوا الدين عن أجدادهم، وهكذا تتناقل الأجيال الدين جيلا بعد جيل. غير أن المعتقدات الدينية والشرائع أو تفاسيرها أو شروحها تلحقها تغيرات كثيرة، وذلك أمر طبيعي، فالله واحد، غير أن المؤمنين به بشر كثر، وكل مؤمن له نظرة تختلف عن الآخر، إضافة إلى تأثير الأزمنة المتعاقبة والأمكنة المختلفة، وكذلك تأثير الثقافات الأخرى التي عاشت الأديان في ظلالها.
***
الأفكار والمعتقدات والإيمانات تختلف بين الناس حتى داخل الفكرة الواحدة، والمعتقد الواحد، والنظرية الواحدة، حيث لا يوجد اثنان من البشر تتطابق أفكارهما على نحو محكم دقيق، فالإيمان بالمعتقد الديني مثل بصمة الإصبع تخص صاحبها، ويمكن القول إن عدد الأديان والمذاهب والمعتقدات في الأرض بعدد المؤمنين بها، فهذه طبيعة البشر وفطرتهم التي خلقها الله. فإذا كانت الحواس الخمس تختلف في إدراكها من شخص إلى آخر، فإن العقول التي يعبرها الإيمان تختلف درجات فهمها وتفسيرها لهذا الدين أو ذاك.
***
يمكن القول إن محاولات (التقريب) بين الطوائف أو المذاهب أو الأديان جهود لا داعي لها وتتناقض وحقيقة الإنسان وفطرته وطبائعه. وكذلك رفض التعددية والاختلاف في الشروح الدينية يعد رفضا لإنسانية الإنسان ونفيا لوجوده، وعوضا عن السعي إلى (تقريب) الأديان والمذاهب وهو جهد مهدور ضائع، ولا نجد له مثيلا لدى الأمم الحية، ينبغي أن تجتهد مجتمعاتنا في الحث على قبول الاختلاف الديني والمذهبي وترك الإنسان يختار طريقه إلى الله العلي العظيم، والكف عن أوهام (تقريب الأديان) واختزال الدروب إلى رب العالمين في درب يتيم واحد.
www.salahsayer.com
@salah_sayer