قبل أن تسمح المملكة العربية السعودية للنساء بقيادة السيارة، كان ولي العهد السعودي صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان قد صرح العام الماضي في منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار بأن (المملكة حريصة على الالتزام بالإسلام الوسطي المعتدل والانفتاح على العالم والأديان لأننا نريد أن نعيش حياة طبيعية تترجم مبادئ ديننا السمح وعاداتنا وتقاليدنا الطيبة وأن السعودية لم تكن كذلك قبل العام 1979) فتسابق بعض المهتمين بنشر صور تعود إلى فترة الستينيات والسبعينيات في السعودية توضح الانفتاح القديم وتؤكد الحقيقة الظاهرة التي ذكرها سمو الأمير.
***
وأثناء تصفحي موقع الباحث السعودي د.سعد الصويان على الشبكة العنكبوتية وجدت ما يؤكد ذلك الاعتدال والسماحة منذ القرن التاسع عشر حين قرأت ترجمته لمذكرات الرحالة الانجليزي (تشارلز داوتي) إلى الجزيرة العربية عام 1878 الذي قام في رحلة مع قافلة كانت متجهة من عنيزة إلى مكة المكرمة. فيقول الرحالة «أثناء مسيرنا في المساء رأينا بدواً وقطعاناً من الأغنام يرعاها أطفال عراة· شاهدنا إبلهم أمامنا واقترب منا الرعاة ليسألونا عن الأخبار· كانت الشمس تنحدر نحو المغيب وابتعدنا قليلا عن قطين البدو ونزلنا· وجاءنا بعض نساء البدو يسألن أهل القافلة إذا ما كان لديهم قماش للبيع· لاحظت عيونهن حادة البصر بشرتي البيضاء وسألن: من هذا الغريب بينكم؟».
***
نسوة عربيات بدويات يخرجن ليلا من خيامهن «القطين» وبغرض التسوق يتوجهن إلى قافلة عابرة قربهن، ويتجرأن بالسؤال عن الشخص الغريب الذي كان يصاحب القافلة (داوتي)، وذلك يعني أن المرأة في المجتمع القديم كانت حاضرة وفاعلة وتخرج وتتحدث مع الأغراب دون تدخل أو إشراف أو وصاية من الرجل عليها. وفي التاريخ الاجتماعي والسياسي للجزيرة العربية وقفنا على روايات تشير إلى حكمة النساء ودورهن الرشيد بالقيادة أو إبداء الرأي أو تقديم المشورة سواء في البادية أو الحاضرة أو الأرياف كانت المرأة تمارس دورها الطبيعي في المجتمع قبل أن تبتلعها الصحوة مع من ابتلعت.. والعياذ بالله.
www.salahsayer.com
salah_sayer@