في لقاء أجرته إذاعة غرب ألمانيا مع وزيرة الخارجية النمساوية كارين كنايسل استطاعت الوزيرة بصراحة ومباشرة أن تضع يدها على جوهر مشكلة الدول الأوروبية مع الإسلام.
فهو حسب قولها «ليس جزءا من الدولة في أوروبا لأنه يطلب من الدولة كثيرا من الأشياء ولا يفرق بين الدين والدولة.
وهذا التفريق هو أساس قيام الدولة. أما المسلمون فهم جزء من الدولة في أوروبا باعتبارهم مواطنين»، ومن الواضح من حديث الوزيرة ان مشكلة أوروبا (العلمانية) أو مشكلة الدول الحديثة مع (الإسلام السياسي) تحديدا وليس مع الإسلام كعقيدة دينية.
****
(الإسلام السياسي) حسب مقاربته لمفهوم الحاكمية وتنظيرات المرحوم «سيد قطب» يقدم رؤية من خارج العصر من المستحيل القبول بها أو العمل بمقتضاها بعد اتفاقية وستفاليا 1648 وقيام الدولة الحديثة (العلمانية بالضرورة).
ذلك أن شعار (الإسلام دين ودولة) الساعي إلى أسلمة المجتمع والاقتصاد وسائر مقولات الدولة الدينية مثل الخلافة وتحكيم الشريعة وما تنتجه تلك المقولات من تناحرات مذهبية تهدد السلم الاجتماعي وتفاصيل من شأنها أن تجرجر مشروع الدولة إلى مناطق ضبابية تفتح الأبواب لتأويلات خطرة تجلت وظهرت أمام العالمين في تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام (داعش).
****
(الإسلام دين ودولة) شعار (إيراني وإخواني) نسبة للإخوان المسلمين. أما في المجتمعات الإسلامية الأخرى التي تشكل الكثرة الكاثرة من المسلمين في العالم فلا يردده هناك سوى الحركات المتطرفة (الجهادية) وهو شعار يتناقض مع مفهوم الدولة الحديثة في أوروبا وسائر أنحاء العالم.
أما الخلاص من ورطة (الإسلام السياسي) وبالتالي (فصل الدين عن الدولة) في الثقافة العربية فلن يتحقق ما لم تسعَ المجتمعات العربية إلى «فصل الدين عن التاريخ» والنظر في الديانة الإسلامية السمحاء على نحو يعزز مقاصدها العظيمة في الأنفس المؤمنة بالدين الحنيف.
www.salahsayer.com
salah_sayer@