في زمان مضى وانقضى وعند اشتعال النقاش بين الاصدقاء حول قضية من القضايا السياسية على الصعيدين العربي أو الدولي كان (ابو غانم) الذي يكبرنا بالعمر ويتمتع بوعي فطري لافت وقدرة استثنائية على التحليل وربط الظواهر والاحداث ببعضها. كان يذكرنا بقوله «انظر تحت الطاولة» ويقصد ابحثوا عن الاسباب المخفية للاحداث المعلنة. فهو ممن يؤمنون بارتباط السياسة بالاقتصاد على نحو وثيق. فلا ثورة أو اتحاد أو انفصال أو حدث سياسي أو حرب إلا والمال هو المحرك أو الهدف الاساسي حسب المحلل السياسي الفطري.. ابو غانم.
***
عن أسباب الكشوف الجغرافية البرتغالية التي تحولت إلى فتوحات استعمارية لم تسلم منها دولنا في الخليج العربي في مطلع القرن السادس عشر، يورد الباحث «محمد حميد السلمان» في كتابه (الغزو البرتغالي للجنوب العربي والخليج) سببا اقتصاديا ويتلخص في انعدام الذهب في البرتغال وتوقف سك العملة الذهبية لمدة 50 عاما مما ادى إلى حدوث أزمة اقتصادية واجتماعية حادة أضرت بالتجارة وبطبقة النبلاء والكنيسة. الأمر الذي جعل تلك الفئات تتبنى وتمول وتدعم ركوب البحر تحت شعارات دينية للبحث عن مخرج من الورطة الاقتصادية.
***
أتذكر مقولة ابو غانم الواقعية «انظر تحت الطاولة» التي لا ترتهن للعواطف أو الأمنيات أو تقديس الرموز والاشخاص والشعارات البراقة بل تذهب إلى تحليل الواقع مباشرة مثلما يفعل الطبيب اثناء العمليات الجراحية يستأصل الورم ويخيط الجرح ولا يكترث للدماء النازفة. ومن يتعرف على تاريخ الحركات الثورية في افريقيا يدرك ان بعضها كان واجهات ثورية (فاترينات) لمشاريع تجارية (أوروبية) تعنى بالبحث عن الالماس (الدموي) ولا أظن ان الذي يجري من حولنا ببعيد عن شروح أبوغانم، حيث تحريك البشر أسهل من تحريك أحجار الشطرنج!
www.salahsayer.com
@salah_sayer