سعاد الطراروة
الكويت سماء تتلألأ بالنجوم المضيئة وهناك أربع نقلات نوعية في هذه النجوم يشع منها أربعة إشعاعات تضيء سماء الكويت السياسي معبرة عن تميز هذا البلد الجميل عن بقية بلدان المنطقة هذه النقلات في التاريخ السياسي الكويتي هي:
الأولى: تبدأ منذ بايع أهل الكويت الشيخ صباح الأول تلك البيعة التي تأسست فيها دولة الكويت فجاءت بيعة مختصرة موجزة فيها كل عناصر الدستور الحديث وكل مقوماته حيث جاء بها: «نحن الموقعين أدناه بايعنا صباح شيخا علينا له حق الأمر، وعلينا واجب الطاعة على أن يحكمنا بكتاب الله وسنة رسوله والأعراف المستقرة بيننا وأن يرجع إلينا في الشؤون العامة عملا بقوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم) بهذه البيعة تأسست دولة الكويت باختيار الكويتيين تطبيقا لنظرية العقد الاجتماعي التي نادى بها الفقيه جان جاك روسو دون أن يدري أن لها مثيلا واقعيا في الشرق الأوسط.
الثانية: حدثت في عهد الشيخ مبارك الكبير فبتوليه الحكم كاد أن ينفرط عقد دولة الكويت في عام 1896 ولولا قيامه بحركته الثورية التي أنقذ فيها الحكم والدولة، على الرغم مما صاحبها من عنف، لما كانت الكويت والحكم فيها بهذه القوة والمتانة.
وعلى الرغم من أن الكثير من الكُتّاب انتقد الشيخ مبارك الصباح لكونه غيّب مجلس الشورى عن المشاركة في الحكم إلا أنها كانت مرحلة نستطيع أن نصفها بأنها مرحلة طوارئ حُكم فيها بموجب ما يُعرف الآن بالأحكام العرفية وحتى في هذه الأيام فإن الحقوق والحريات تُعطّل في ظل الأحكام العرفية الآن، وذلك لأن الضرورات العلمية تستوجب وتبرر وتبيح ذلك والدليل على ذلك ان الكويت التي أرسى مبارك الكبير قواعدها الجديدة لاتزال قائمة حتى الآن ولولا حركته لكنا الآن نتبع الشمال أو الجنوب.
الثالثة: حين تولى الشيخ عبدالله السالم باعتباره مؤسس الكويت الحديثة ممثلا في الدستور الراقي الصادر 1962 الذي أرسى وسط صحراء الجزيرة العربية نظام حكم حديثا يجمع بين مزايا النظامين البرلماني والرئاسي متلافيا عيوب كل منهما بإقامته ثلاث سلطات يجمع بينها تعاون متوازن هي السلطة التنفيذية على رأسها صاحب السمو والوزراء ومجلس الوزراء والسلطة التشريعية التي تتألف من خمسين نائبا منتخبين انتخابا مباشرا من الشعب والوزراء المعينين، والسلطة القضائية التي تتولاها المحاكم، وجعل من صاحب السمو الأمير رئيسا للدولة وشريكا في السلطة التشريعية في مهمة التشريع وأصيلا للسلطة القضائية التي تتولاها المحاكم، وبهذا النظام كُتب للكويت أن تبقى وتحافظ على استقلالها وسط الصراعات والثورات التي اجتاحت المنطقة في الخمسين سنة الماضية.
تولي صاحب السمو الأمير مقاليد الحكم
الرابعة: على الرغم مما قدمـــه الأميران الراحلان الشيخ صــباح الســالم والشيخ جابر الأحمد رحمــهما الله انتقلت فيها البلاد من دولة نامــية الى دولة أكثر نموا وحدثـــت نهضة اقتصادية وثقافية واجتماعية، إلا أن ما حدث أثناء تولي صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد من نقلة نوعية، ما هو إلا اختبار اجتازته الكويت بدرجة امتياز شعبا وحكما فقد حدث فرضا افترضه دستور 1962 ولم يتصور لأحد ان يحدث وهو خلو مقعد الأمير وولي العهد في آن واحد حيث توفي الشيخ جابر الأحمد رحمه الله، وصاحب ذلك عدم قدرة الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله على حلف اليمين. فحتى لا نقع في فراغ دستوري نص الدستور على آلية اختيار الأمير وولي العهد. كما أناط مجلس الوزراء القيام بمقاليد الحكم على ان يتم اختيار الأمير خلال أسبوع تلافيا لحدوث فراغ سياسيا.
لولا حكمة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله، وتماسك الشعب مع الأسرة الحاكمة لما مر الموقف بسلام ولحدث ما يحدث في بعض الدول المجاورة كما هو الحال في لبنان الشقيق.
فنجحت الكويت شعبا وحكومة وأسرة حاكمة، وقاد الربان سفينة الكويت إلى بر الأمان أدام الله على الكويت الحبيبة الأمن والأمان في ظل حكم صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله وفي ظل حياة ديموقراطية يسودها الحب للكويت فقط.