على قناة «الجزيرة» منذ أيام كانت هناك مقابلة مع الشيخ محمد حسان صاحب قناة «الرحمة»، أدركت منها 10 دقائق تقريبا، وقد دهشت كثيرا لما سمعت منه، أسوق إليكم ما سمعت ليس نصا ولكن معنى، وصف الشيخ محمد حسان السلفيين بمصر ضمنا بأنهم جهلة في السياسة وأنه اتفق معهم على عدم الترشيح للرئاسة ولا لمجلس الشعب فهم لا خبرة لديهم ولا دراية، وعليهم أن يصوتوا للإخوان المسلمين فهم أصحاب الفهم والخبرة والتجارب السياسية وأنهم أصحاب أصول صحيحة بزعمه، ممتدحا عمرو خالد ووجدي غنيم، وحين ذكر المذيع أن السلفيين ليس لهم مشاركة بالانتخابات أيام الرئيس مبارك، قال نحن في واقع جديد، وهذا يدل على أنه صاحب فقه للواقع هذا مضمون الكلام الذي سمعته خلال هذه الفترة القصيرة، وجوابي عليه بالآتي:
1-إذا كان الواقع جديدا كما تقول فلماذا لا يدخله السلفيون في مصر حتى تكون لهم ممارسة فعلية ويكتسبون الخبرة والتجربة والحنكة السياسية كما هي عند الإخوان بزعمك؟ وإلى متى يظل السلفيون دون تجربة وممارسة، وكيف ستأتي الخبرة إذن؟
2-من الحنكة والفقه للواقع والفهم الصحيح ألا تكشف أوراقك السلفية للناس هكذا علانية، لتكسب ود الإخوان وعداوة عشرات الأحزاب والتنظيمات وبقية الناس، فأين حنكتك السلفية؟ الانتخابات ليست حاضرة الآن، والناس لا ينعدم فيها الخير، إذ الخير ليس فقط في تنظيم الإخوان كما زعمت، فعلى الأقل ومن باب السياسة ألا تعلن هكذا صراحة أنه على السلفيين دعم الإخوان، كي لا تخسر الطيبين ممن ليسوا من الإخوان وسيخوضون الانتخابات.
3-ثم هل هذا هو رأي السلفيين كلهم في مصر؟ لا أظن، فالسلفيون أهل ذكاء ومعرفة وفقه للواقع أكثر من غيرهم، بل أكثر بكثير من تنظيم الإخوان، فالإخوان لهم تجارب مريرة مع السياسة ولهم مواقف كثيرة سيئة خصوصا في مصر، وسلفيون مصر فيهم رجال علم ورجال سياسة وحنكة، فلا فصل بين الدين والسياسة، ولا فصل بين السلفيين والسياسة، لأنه لا فصل بين الدين والسياسة.
4-شيخ حسان هل أنت موكل من قبل السلفيين في مصر لتتحدث بلسانهم ونيابة عنهم؟ وهل يوافقونك في موقفك هذا؟ وعلى ما قلته في «الجزيرة»؟
5-قلت بأن الإخوان لهم أصول صحيحة وطيبة، فهل يفتقد السلفيون للأصول فلا أصول لهم؟ عجيب والله عجيب، ثم لم تذكر لنا ما هي هذه الأصول التي ميزت تنظيم الإخوان عن السلفيين حتى استحقوا منك كل هذا الإطراء وكل هذا الارتماء في أحضانهم؟
6-السياسة سياستان، سياسة تعني الحكم بكتاب الله وسنة رسوله والعدل بين الناس ودفع الظلم عنهم بغض النظر عن أي اعتبار آخر، وهذا فالسلفيون فيه من أمهر الناس وأكثرهم خبرة ودراية والتاريخ شاهد لهم بذلك، والسياسة الثانية: هي التي تعني النفاق والرياء والكذب والخيانة والأنانية، واستغلال المال العام ومنه مال الزكاة والصدقات في شراء الذمم والأصوات الانتخابية وتزوير الحقائق تحت تأويلات ومبررات وفتاوى جاهزة باردة كاذبة، وهذا الذي لا يجيده السلفيون شيخ حسان.
الشهرة الإعلامية:
خطير هذا الأمر على الدعاة والمشايخ والوعاظ، ولعل شهرة الشيخ حسان الإعلامية وثناء العوام عليه من نساء ورجال حتى وصل الأمر إلى أن عرضوا عليه ترشيح نفسه للرئاسة، لعل هذا الذي أعطى الشيخ ذلك الاندفاع لأن يقول ما قال، وهذا الذي دمر من كان سلفيا «فتأخون»، إنها الشهرة الإعلامية والانتشار الإعلامي وثناء العوام الذي لا يفرح به، وهذا الذي حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سلفيو مصر والانتخابات:
وليس في كلامي السابق حث للسلفيين في مصر الحبيبة على خوض الانتخابات، فهم أدرى بأنفسهم وظروفهم، وعندهم من أهل العلم من يفتيهم بذلك فهم أدرى بمصر وبشعابها، ولكنني قصدت من ذلك عدم السكوت عما بدر من الشيخ محمد حسان حول هذا الموضوع. وأرجو أن نسمع من السلفيين بمصر الحبيبة ردودهم على ما جاء على لسان محمد حسان وإن كان يمثل السلفيين هناك من عدمه.