رغم تواجدي في الولايات المتحدة الأميركية، إلا انني تابعت جلسة استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء وكأنني في الكويت بل وكأنني حاضر في الجلسة. فالـ«تويتر» والـ«فيس بوك» والصحف الإلكترونية لم تترك مجالا لتجاهل الجلسات خصوصا السرية، حيث تتسرب الأخبار في ثوان وتنتشر في دقائق ليطلع عليها الآلاف من المهتمين. ورغم فارق الوقت بين الكويت وأميركا إلا أنني كنت متابعا لما يحدث ويتطور دقيقة بدقيقة وخبرا تلو خبر. وسأسجل هنا بعض النقاط التي أثارت اهتمامي.
عندما يصرح أحد الوزراء بأن الرد على الاستجواب سيكون بكل ثقة وشفافية ثم تطلب الحكومة أن تكون الجلسة سرية، أمر فيه الكثير من الغرابة والتناقض، فالسرية والشفافية لا يجوز أن يوضعا في جملة واحدة، ولا أعلم ما سبب حرص الحكومة على أن تكون الجلسة سرية فالذي لديه حجة قوية وأدلة دامغة وتأييد نيابي كبير حسب التصاريح المنسوبة لها لا يخشى المواجهة بل على العكس يفضلها حتى ينقشع الغبار وتتفند الاتهامات ويرى ويسمع الشعب بنفسه حقيقة ما جرى، لجوء الحكومة إلى أن تكون الجلسة السرية يقوي حجة مؤيدي الاستجواب بأن الحكومة لا تملك أدلة وأنها تسعى إلى إخفاء الحقائق ولعل قصة الفيلم «المدبلج» الذي سمعنا عنه ولا نعلم مدى مصداقيته يضر الحكومة أكثر مما يفيدها. فكون الجلسة سرية يحرمنا من التحقق من هذه المعلومات.
وخلال تجولي في الـ«تويتر»، شدني ما نقل عن أن نائبة سعت إلى جمع تواقيع تؤيد كامل التعاون بحق سمو رئيس الوزراء، ولست بصدد حرمان بعض النواب من حق الموافقة مع الحكومة في أي قضية شاءوا، ولكن أن يكون هؤلاء النواب هم المحركين الأساسيين لتفنيد الاستجوابات فبرأيي هذا يقلل من مقدار الحكومة في نظر المراقبين. فعضو مجلس الأمة يقسم على الإخلاص للوطن والأمير والذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وإنه لقسم لو تعلمون عظيم. لذا، لنترك الحكومة بقيادة سمو الرئيس ووزرائه ليقودوا مهام الدفاع عن توجهاتهم وأفعالهم بما يرونه مناسبا، فالنائب هو ممثل الشعب لا الحكومة وواجبه التصويت على كتاب عدم التعاون أو طرح الثقة إما بالقبول أو الرفض. أما أن يكون النائب هو المحرك الأساسي لجمع تواقيع التأييد فهو تصرف غير حكيم ولا مبرر له على أقل التعابير.
عصر الـ«تويتر» والـ«فيس بوك» والصحف الإلكترونية والـ«يوتيوب» والمدونات والمنتديات ورسائل الـ«برودكاست» قلل من سرية الجلسات، ولكن بالرغم من ذلك ستظل هناك ثغرات في مثل هذه الجلسات يستغلـــــها البعض لنشر تصاريح مبهمة ونقل أخبار غير مدعومة ببراهين بل قد تنتــشر الإشــاعات التي تضر الموقف الحكومي، وهذا ما يجب على الحكومـــة أن تعيه بأن تتطور مع تطور شعبها فبالنهاية نحن أبناء وبنات الكويت ولنا كامل الحق في معرفة ماذا جرى في الأسابيع الماضية بكامل التفاصيل، فالجلسة كانت سرية.. وغير سرية.
الخطوة القادمة هي التصويت على كتاب عدم التعاون في جلسة 5 يناير، وندائي إلى نواب الأمة بالتصويت إما بالموافقة أو الرفض، أما الامتناع عن التصويت فهو تعطيل للأداة البرلمانية فلا يعقل ألا يكون لعضو مجلس الأمة رأي في هذا الموضوع فإما أنك ترى أن الحكومة متعاونة أو غير متعاونة، أما أسلوب «أسمع وأرى.. ولكن لا أتكلم» فهذا أسلوب يدل على ضعف منتهجه، والله ولي التوفيق.
[email protected]